الأردنيرسل رسائل واضحة ما هو المباشر وغير المباشر بعد لقاء جلالة الملك مع الرئيس ترامب في واشطن
كان كلام جلالة الملك واضحاً في التعبير عن موقف الأردن من مسألة التهجير ، وأعلنها في عقر دار الرئيس الأمريكي أن العمل من قبل جلالته سيكون الأفضل لبلاده الأردن ، وفي افصاح الملك عن أولويته هذه بات من المعلوم أن الدولة الأردنية والشعب الأردني ضد التهجير.
كما ويتمم الملك في حواره مع الرئيس ترامب ، بأن الموقف والرد على خطة الأخير سيكون رداً عربياً ، وهذا تأطير القضية الحقيقي فهو تأطير عربي وليس أردنياً فقط ، كما وأن المقترح موجه أيضاً للدولة المصرية الشقيقة ، لذا فمن غير المعقول أن تتصدر الأردن القرار وتستأثر بالرد دون الاتفاق مع الدولة المصرية المعنية أصلا بالمخطط من جهة ، والدول العربية ككل من جهة أخرى حيث أكد جلالته على أهمية انتظار الرد المصري ، فمصر لديها خطط أيضاً بعيداً عن مقترح التهجير ، من حيث إعادة الإعمار والاستقرار وإعادة التوازن.
ولأن السياسة لا تسير على ممشى العاطفة ، ولا تتقاطع مع الشعبويات ، إلا في أطر ضيقة ، حيث يجب على صانع السياسة الخارجية والذي يمثلها رئيس البلاد أن يعرض أوراقه بقوة ، وهذا ما فعله ترامب الذي يميل لعقد الصفقات وليس المفاوضات ، وبالعقل لا بالعاطفة ، وبلقطة سينمائية على طريقة رعاة البقر ، حيث كان متصلباً في رأيه ، ومتزمتاً للخروج بمكسب ، ويتحدث بلغة رجل أعمال عن عقارات في القطاع وكأنها بقعة استثمارية في ضواحي فلوريدا ، إلا أن جلالة الملك أكد مجدداً على الرفض للتهجير .
ولأن جلالة الملك يعلم جيداً كدبلوماسي عميق ، وقائد محنك كيف تكون شخصية ترامب ، ولأن المجتمع الدولي يترقب مدى تفاعل دول الشرق الأوسط تحديداً الأردن ومصر ، فقد أعلن الملك من منطلق انساني عن استقبال ألفي طفل مريض من القطاع ، الأمر الذي يراه ترامب في عيونه كمكسب ، ولكن هو موقف أردني انساني أولاً ، ودبلوماسي ثانياً ، يمرر الكرة للأردن ومصر ويجعل الدولة الأردنية تمتلك الوقت ، فنحن ننتظر العمل على قانون يرفض التهجير ، ليصبح قرار التهجير أمراً مخالفاً للدستور .
ولا تنتهي رسائل المبادرة الأردنية بل كانت دقيقة جداً ، الأمر الذي يبعث برسالة ضمنية للعالم عن استمرار الدور الأردني في دعم الأشقاء ، وأن التهجير مرفوض جملة وتفصيلاً بدلالة تقنين العدد والحالات ، وأن الاستقبال مقنن ولأطفال مرضى ، أي أنها فقط لفترة علاج ، وهذه رسالة مبطنة لترامب أن الأردن ليست محطة استقبال تحرر كشوفاتها لنزلاء جدد بلا رقيب وحسيب بمجرد إشارة منه.
من ناحية أخرى يعد هذا القرار ليس بجديد ، حيث استقبلت الأردن المئات من القطاع على مدار عام ونيف ، من المصابين الذين احتاجوا لعمليات صعبة أو تركيب أطراف أو غيرها .
وعليه فقد خرج اللقاء الأردني الأمريكي ، بعمل الأردن وفقاً لمصلحته ، وبرفض الأردن للتهجير ، واحترام وانتظار الموقف المصري ، مع الانتظار ثانية لاكتمال نصاب الموقف العربي الموزع حالياً بصورة ثقيلة على كل من الأردن ومصر والسعودية ، والذي سيكتمل بالرفض مثلما فعلت الأردن.
فداء المرايات