أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

مصر.. رجعت لأولادها فاستقبلها زوجها بالضرب حتى الموت

مدار الساعة,أخبار الأسرة,النيابة العامة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كانت «نسمة» - بائعة خضروات، تعرف أن العودة إلى بيت زوجها تعني السير على حافة الخطر. طوال شهر رمضان الماضى، لجأت إلى منزل والدها في برطس بأوسيم شمال الجيزة، هربًا من الضرب والإهانة. لكن حين طرق ابن زوجها الباب، يحمل رواية عن أبٍ مسجون وأطفال تُركوا وحدهم، ترددت للحظة، ثم اختارت قلب الأم. عادت.. ولم تكن تعلم أن الخدعة ستنتهي جثة ممددة على الأرض، والحديد والعصا شاهدان على عنف لم يترك لها فرصة للنجاة، قبل أيام.

«زهرة»، الابنة الكبرى لـ«نسمة»، تحكي عن تلك اللحظات المأساوية بحزن شديد، وكأنها تعيش تلك اللحظة من جديد. «أمي كانت في المطبخ، زي كل يوم، بتحضر الفطار، ومانجة، الأخت الصغيرة، نزلت تجيب الفول والفلافل، رجعت حطتهم على الطبلية زي ما هي طلبت، وبعدها قالها أبويا: (حضري الفطار، بعد شوية نزل من البيت، وكان طالع يقابل عمي اللي كان واقف في الشارع» تقول الفتاة بمرارة.
وتكمل «زهرة»: «بعد ما نزل وطلع تاني، جاب عصا في إيده، كان عنده عصبية مش طبيعية، دخل وجري على الطبلية، وقلبها في وش أمي. سألت: ليه كده يا أبويا؟ كان بيقول: عمك قال لي: (إما تقتلها، إما أنا هقتلها)، ومن هنا بدأ الضرب، من غير رحمة، ضربها في كل مكان، بالعصاية في إيد والشرشرة المعدنية في إيد تانية».
الفتاة صاحبة الـ18 عامًا، تتذكر بعينين ملؤهما الحزن كيف كانت تنظر إلى والدتها وهي تتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، من غير أن يتوقف والدها «هانى» لحظة عن الضرب. «كنت بحاول أصرخ، لكن ما قدرتش، جريت تحت البيت أنادي الناس، وكان أخويا رحيم، اللي من الأب، شدني من شعري وقال لي: (ارجعي، مش هتقدري تعملي حاجة)، كان عمى واقف، وكان الكل ساكت، كأنهم مش موجودين».
لكن العنف لم يكن جديدًا في حياتهم، «زهرة» تذكر كيف كان أبيها يعامل ولدتى بعنف على مدار السنوات الماضية. «أمى كانت تعاني كتير، كان دايمًا بيضربها، وكان أوقات يهددها إنها لو ما سمعتش كلامه هيموتها، كنا عايشين في خوف مستمر، أمي كانت دايمًا بتقول لنا: (استحملوا عشانكم)».
لكن هذا العنف لم يتوقف حتى عندما كانت «نسمة» تحاول الهروب من هذه الحياة، «زهرة» تتذكر كيف أخبرتها والدتها قبل أسبوعين فقط من الحادثة: «أمي قالت لي: (الراجل ده مش هيسكت إلا لما يخلص عليا)، كانت دايمًا متحملة علشاننا».
كانت السيدة الأربعينة تبذل جهدًا كبيرًا لتوفير حياة جيدة لأولادها، وكانت تبيع الخضراوات وتعمل كل شيء من أجل أن توفر لهم لقمة العيش.
في الأيام السابقة، كان الزوج يهدد زوجته بشكل متواصل، «أبويا قبل الحادثة بيومين أخد أمي معاه لمقابر أوسيم وقال لها: (عايز أدفنك هنا)، لو ما كانش الحارس في المقابر شافه، كان خلص عليها».. تكمل «زهرة»: «أمي رجعت بعد ما شافت الحارس وقالت لي: (الراجل ده عايز يدفني، بس أنا استحملت علشانكم).. كانت عايشة على أمل أن الأمور هتتحسن، لكنها كانت تعرف في أعماقها أن أبويا لا يزال يخطط لنهاية مأساوية».
«أمي كانت دايمًا تقول لنا: اللي أنا فيه ده عشانكم، عشانكم تعيشوا حياة كويسة، بعد كل شيء، عاشت حياة قصيرة مليئة بالدموع والعذاب»، قالت «زهرة» بصوت منخفض، وهي تتذكر ما مرت به والدتها.
والد «نسمة» يروي تفاصيل مقتل ابنته

لم تكن «نسمة» ترغب في العودة إلى منزل زوجها، بحسب رواية والدها مجدي مفرح. خلال شهر رمضان الماضي، مكثت في بيت والدها، ورفضت العودة إلى زوجها الذي كان يعتدي عليها باستمرار. «كنت شايف التعب في وشها، وكانت بتعيط كتير، بس كانت ساكتة»، يقول والدها.
حين جاء ابن زوجها، رحيم، ليبلغ الأسرة أن والده أُعيد إلى السجن، وأن إخوتها الصغار في البيت وحدهم، صدقت القصة، وقررت العودة مؤقتًا. «قالتلي مش هسيب عيالي يا أبويا، ورجعت… بس اللي حصل ما كنّاش متخيلينه».
في يوم الواقعة، فوجئ الأب بابن زوجها يطرق الباب، يطلب النجدة. «قالنا تعالوا بسرعة، نسمة تعبانة»، يروي «مفرح»، حين وصل إلى البيت، كانت الجثة ممددة، والدماء تغطي ملامح ابنته.
النيابة تأمر بحبس المتهم بقتل زوجته

الجيران أخبروه أن هاني، الزوج، ضربها بعنف باستخدام عصا وقطعة حديدية، وأجهز عليها أمام أعين بناته. «كانت النهاية اللي كنت خايف منها… ومقدرتش أنقذها»، يقول والدها، الذي أكد أنه أبلغ الشرطة سابقًا بخطورة الوضع.
الجيران الذين كانوا في المنطقة أكدوا أن العنف لم يكن وليد لحظة، بل كان جزءًا من حياتهم اليومية. «شوفناها طول الوقت في معركة من غير نهاية، ولا أمل، كان هانى دايمًا بيضربها، وكان معروف عنه إنه كان متسلط»، قال أحدهم.
ما حدث كان صدمة لكل من حولهم. «نسمة»، التي كانت تحاول طوال حياتها أن تمنح أبناءها حياة أفضل، لم تتمكن من الهروب من هذا المصير البشع. «هانى»، الذي كان قد خرج من السجن منذ 6 أشهر بعد قضائه عقوبة في قضية مخدرات، عاد إلى ممارسة العنف ليقتل زوجته في النهاية.
الشرطة قبضت على المتهم، وبدأت النيابة العامة في التحقيق، حيث قررت حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.


مدار الساعة ـ