أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الهبارنة يكتب: دفاع وحجج ضعيفة تحت القبة


محمد الهبارنة

الهبارنة يكتب: دفاع وحجج ضعيفة تحت القبة

مدار الساعة ـ

في جلسة نيابية حملت الكثير من الرسائل السياسية والدلالات البرلمانية، تراجع نواب حزب جبهة العمل الإسلامي إلى موقع دفاعي باهت، في مواجهة مداخلات هجومية حادّة قادها أغلب من النواب الحزبيين والمستقلين وقد بدا الخطاب الدفاعي لنواب الحزب ضعيفاً وغير مقنع، خصوصاً في ظل اقتصارهم على تكرار شعارات دعم القضية الفلسطينية والمقاومة، وكأنها تذكرة عبور دائمة تُغني عن تقديم موقف وطني واضح في القضايا الأردنية الداخلية.

هذه المواقف والتي تُعد جزءاً أصيلاً من وجدان الأردنيين جميعاً قيادة وحكومة وشعبا، لا يمكن أن تكون بديلاً عن الموقف السياسي المسؤول، ولا تُعفي أي جهة حزبية أو نيابية من المساءلة أو النقد.
النقاش النيابي الذي دار الاثنين في جلسة مجلس النواب كان محلياً بامتياز من حيث الدفاع الوطني عن النظام السياسي بكافة أشكاله ويتعلق بصلب العلاقة بين الجماعة والدولة، وليس بمواقف خارجية أو قضايا إقليمية، ما جعل الخطاب الدفاعي للحزب يبدو منفصلاً عن سياق الجلسة وتوقّعات الرأي العام الذي كان ينتظر رواية واعتذاراً للشارع والشعب.
ولكن المداخلات لبعض نواب الحزب تضمنت أبعاداً إضافية على المشهد حيث حملت اعترافاً ضمنياً بمعرفة الحزب والجماعة بنشاط الخلية التي أثير الجدل حولها، من خلال قوله إن “نشاطها غير موجه للداخل الأردني”. وهو ما يُفهم منهم إقرار غير مباشر بوجود هذا النشاط، مع محاولة تبريرهم أو التقليل من خطورته، في وقت يتطلب فيه الموقف الوطني وضوحاً لا مواربة فيه ولا مراوغه سياسية
أما أخطر ما ورد في تلك المداخلات، فتمثل في الدعوة إلى أن يكون “الحُكم للشارع”، وهي عبارة لا تخلو من دلالات تحريضية، وتشكّل خروجاً على منطق الدولة ومؤسساتها. فمثل هذه الرسائل الموجّهة للرأي العام لا يمكن قراءتها خارج إطار التصعيد المقصود، ومحاولة نقل الجدل من داخل قبة البرلمان إلى الشارع، في توقيت دقيق وحساس والتي يجب الوقوف عندها والتأمل فيها
واللافت للنظر هو طرح موضوع المقارنة بين الجماعة والنظام، حيث المداخلات كانت غير مسبوقة من حيث مبدأ التشبيه والمساواة أو بين حركة سياسية وتنظيمية من جهة، وبين نظام سياسي دستوري قائم من جهة أخرى. وهو طرح لا يمكن القبول به، لا شكلاً ولا مضموناً، ويخالف أسس الشرعية السياسية والدستورية للدولة الأردنية.
منذ عام 2011 ليومنا هذا أرهقت الجماعة الأجهزة الأمنية، وخلقت حالة من الاستنزاف السياسي والاجتماعي بسبب فعالياتها المتتالية في الشارع، والتي أفقدتها الكثير من حضورها التقليدي.
المتابع للمشهد السياسي يلاحظ أن النواب المستقلين اصبحوا أكثر جرأة في الرد على خطاب الجماعة وأكثر قدرة على إدارة النقاش تحت القبة بعيداً عن الشعارات. وهو ما يؤشر إلى تحوّل حقيقي في موازين القوة داخل المجلس النيابي، ويكشف أن زمن “المناورة بالشعارات” قد انتهى والعمل هو خدمة الأردن لا غير.
المطلوب اليوم من حزب جبهة العمل الإسلامي؛ مراجعة شاملة لمساره البرلماني والسياسي، وتقديم خطاب وطني ناضج يرتكز على الشراكة مع الدولة، لا على منطق العزلة أو التلويح الدائم بالشعارات العابرة والخطاب الحنجري. فالمجلس النيابي ليس منصة للهتاف، بل منبر للعمل الجاد للوطن والمواطن وعليه اعادة النظر في علاقته السياسية مع كافة اطياف المجتمع الأردني على الصعيد السياسي والاجتماعي وتجميد علاقاته بجماعة الإخوان المنحله عام ٢٠١٥
واليوم إذا أراد حزب جبهة العمل الإسلامي أن يستعيد مكانته في المشهد السياسي الأردني، فعليه أن يُقدِم على فصلٍ واضح وحاسم بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قانوناً. فاستمرار الارتباط التنظيمي أو التوجيه السياسي من جماعة لا تحظى بشرعية قانونية ولا توافق وطني، سيُبقي الحزب في دائرة الشك والمساءلة، ويُضعف قدرته على تمثيل مصالح المواطنين بصدق وفاعلية.
وعلى الحزب أن يُراجع بنيته وخطابه، ويعلن بشكل صريح استقلاله الكامل عن الجماعة وتوجيهاتها الإقليمية، وأن يعيد تموضعه ضمن الإطار الوطني الأردني، كمكوّن حزبي ملتزم بالدستور ومؤسسات الدولة، لا تابعاً لتنظيم عابر للحدود. تلك هي الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة، والانخراط الحقيقي في الحياة السياسية بمسؤولية وطنية بعيداً عن الحسابات الإيديولوجية والتنظيمية
فالمصلحة الوطنية الأردنية يجب أن تبقى فوق كل اعتبار، ولا يمكن لأي طرف أو جماعة أن تكون أولويته غير مصلحة الوطن واستقراره. وحدة الصف وتقوية موقف الدولة هي الطريق الوحيد نحو ضمان مستقبل أفضل للأردن والمواطنين
حمى الله وطننا وقيادتهوشعبهالعظيم
مدار الساعة ـ
story