أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ما تطلبه حماس من الأردن.. هو استفزاز سياسي.. ليس في مكانه؟


الدكتور محمود عواد الدباس

ما تطلبه حماس من الأردن.. هو استفزاز سياسي.. ليس في مكانه؟

مدار الساعة ـ

تضمن التصريح الصحفي الصادر عن حركة حماس مساء يوم أمس الثلاثاء تدخلًا في الشؤون الداخلية الأردنية عندما طالبت الحركة من الحكومة الأردنية بالإفراج الفوري عن الموقوفين في قضية خلية (الصواريخ والطائرات المسيرة) والتي ترتبط بعدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن. مع مطالبة حركة حماس أيضًا بعدم تجريم المتهمين أو إدانتهم، وفوق ذلك وبدلًا منه شكرهم والاحتفاء بهم بسبب ما كانوا يسعون للقيام به من أجل دعم المقاومة مع تأكيد الحركة أن ذلك لا يستهدف أمن الأردن! . بعد الاطلاع على هذا التصريح الصحفي المقتضب المستفز من حركة حماس، كانت الملاحظة الأولى أنه نسخة عن بيان المرشد العام لجماعة الإخوان الذي يطلب عدم إدانة المتهمين أو تجريمهم مع الإفراج عنهم لذات الأسباب.

في التعامل مع هذا التصريح الإعلامي، ثمة سؤال يجب طرحه: هل أن ما طالبت به حركة حماس يصب في خدمة المتهمين؟ أما الجواب فهو لا من ناحية قانونية. الدليل أن الأردن، وفقًا لمعاهدة السلام مع إسرائيل، في جانب الأمن المتبادل، كان قد طبق القانون على (أحمد الدقامسة)، كما طبق القانون على النائب (عماد العدوان)، كما قد طبق القانون على ما بينهما. من هنا، كيف يتم استثناء أعضاء خلية (الصواريخ والطائرات المسيرة ) من تطبيق القانون عليهم كما تم على من سبقهم؟ بكل تأكيد أن هذا هو الكلام الصحيح الذي لا تتحدث به الحكومة! انتقل إلى سبب آخر في دوافع حركة حماس في مطالبهم من الحكومة الأردنية، وهو سعي حركة حماس إلى زيادة شعبيتها داخل الأردن، اعتمادًا على نهج المبايعة التي تمت لعدد من قادة حماس خلال مسيرات التضامن مع غزة، وكذلك هتاف (كل الأردن حمساوية). أذهب إلى السبب الثالث، والذي هو امتداد للسبب الثاني، فهو محاولة حماس تثبيت صورة مغلوطة عن الأردن أنه يعمل ضد المقاومة دون مراعاة أن سكوت الأردن عن كل تلك التحضيرات العسكرية من أفراد الخلية، وفيما لو أنها استكملت ومن ثم نفذت، فإنها تضر بأمن الأردن عبر استدراجه إلى فخ عسكري مع إسرائيل كردة فعل منها على ذلك.
في مقالة سابقة لي، تناولت فيها تعدد إشكال العلاقة ما بين الأردن مع حماس منذ أكتوبر في العام 2023م، ذكرت حالة التوافق المباشر، وحالة التوافق غير المباشر، وحالة التعارض غير المباشر. لكن مع التصريح الصحفي الذي صدر عنهم مساء أمس، فإننا نضيف الشكل الرابع من العلاقة وهو التعارض المباشر. بكل ثقة أقول لو أن حالة التعارض المباشر تمت في فترة سابقة إبان أوج حماس، فربما تحسب الدولة الأردنية حسابًا لذلك التصريح. أما اليوم وفي ظل كل ذلك الانهيار الذي أصاب حماس، فإن تصريحهم فقد أدنى درجات قوته. يعزز ذلك أن العناد الحمساوي في الأشهر الماضية والذي أدى إلى الرقم اللامعقول في عدد شهداء غزة، والتي كانت حماس سببًا فيه حسب آراء قوى وشخصيات فلسطينية ومعهم من معهم من أهالي غزة في هذا الرأي، أنه قد كان سببًا في تراجع كبير جدا في شعبية حماس داخل الأردن مقارنة مع الفترة الممتدة من أكتوبر من السنة قبل الماضية إلى بداية السنة الحالية .
ختامًا، أخطأت حركة حماس أنها زجت بنفسها في قضية أردنية بحتة، خاصة وأن الأردن له دور سياسي وإغاثي تجاه غزة. على الجهة المقابلة، أحسن الأردن الرسمي أنه تجاوز ذلك التصريح لسببين هما ضعف من إصدر التصريح، وكذلك صدق أفعال الأردن في خدمة الشعب العربي الفلسطيني في غزة مع الحفاظ في ذات الوقت على أمنه الوطني الذي يعني عدم استدراجه نحو مواجهة عسكرية لا تخدم مصلحته الوطنية العليا في ظل الظروف والمعطيات العربية الحالية.

مدار الساعة ـ