ما حدث في الاردن خلال الاسابيع القليلة الماضية، لا يجوز التعامل معه، بهذه الطرق، فبعض المسؤولين يهونون من أثر ما جرى، ويعولون على الاجهزة الامنية رغم ان جوهر ما جري فكري سياسي، العلاج الامني له هو آخر الكي.
فريق آخر من المسؤولين يأخذ موقف الحيرة والقلق مما جرى ويجري ولا يدري كيف يتصرف، فريق ثالث التزم الصمت وكأن الأمر لايعنيه، وكل هذه الفئات تعتقد ان حماية الاردن ليست من اختصاصها!.
لقد تناسى الجميع انه لا يجوز ان نتعامل مع مؤامرة على الاردن بالحجم الذي اعلن عنه، ومن قبله التعامل مع الهتافات المسيئة لبلدنا، وخاصة لقواتنا المسلحة، ثم قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين وتدعيات ذلك محليا واقليميا ودوليا، على انها ممارسة طارئة، او انها حالة منفردة مقطوعة، فمن يقول ذلك اما انه ساذج، اوانه يحاول التعمية على المرتكبين وما يمثلونه. فاول ما يجب الانتباه اليه في هذه القضية، المؤمرة ومثلها الهتافات والشعارات، وتداعيات الحظر كلها تمثل ثقافة ومفاهيم تحكم المشاركين بهم، وهم في كل الحالات ، تشكل تجسيدا لثقافة كراهية للاردن وحقد عليه، وفي اقل الاحوال فانها تضعه في قفص الاتهام والتخوين.
بالاضافة الى كل ما تقدم فان الحقيقة التي يصل اليها كل مراقب لما يجري في الاردن منذ سنوات، وخاصة منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، سيكتشف ان الذين يستهدفون الاردن من داخله ومن خارجه؛ يمارسون سياسة القضم، ويتقدمون خطوة خطوة، ولكن ضمن استراتيجية ثابتة، من اهم اهدافها قتل الروح المعنوية للاردنيين، واختطاف الرأي العام الاردني، والمس بالثوابت الوطنية التي كانت من المحرمات كالقوات المسلحة الاردنية، ثم التآمر عليه، أدواتهم لذلك وسائل التواصل الاجتماعي، التي يركزون من خلالها على الأخطاء والسلبيات التي تقع في بلدنا، فيضخمونها، وكانها القاعدة، وانه ليس في بلدنا انجاز واحدا، بل اكثر من ذلك فان هؤلاء يشككون بكل موقف اردني من قضايا امته، مستغلين في ذلك كله المعاناة الاقتصادية التي تعيشها شرائح واسعة من الاردنيين، بالاضافة الى استغلالهم للمشاعر القومية الجياشة عند الاردنيين وانحيازهم لكل قضايا امتهم، فاتخذ هؤلاء الذين يستهدفون الاردن، من المسيرات والاعتصامات آلية لشحن الاردنيين ضد بلدهم وستارا لتعويد اسماع الاردنيين على سماع الهتافات التي تمس بثوابتهم الوطنية ومنها العرش والجيش والمؤسسات الامنية. وصولا الى التآمر المسلح على امننا الوطني وسلمنا المجتمعي.
ان تكرار الهتافات يؤدي الى زعزعة قناعات لدى اعداد متزايدة من الاردنيين بالثوابت الوطنية الاردنية. ويجذب البعض للتأمر على الوطن.
ان مما يساعد الذين ينفذون مخطط استهداف الاردن. على تنفيذ مخططهم غيابنا نحن عن الفعل المخطط والمدروس لمواجهة مخططات استهداف بلدنا. ومن ثم وقوعنا في فخ ما سمي بالأمن الناعم. كما انه وبالرغم من وضوح مخطط استهداف بلدنا، فان ادواتنا لازالت قاصرة ، ولا تسهم في ردع هذا المخطط، ذلك ان ردود فعلنا صارت روتينة معروفه تاخذ شكل الفزعة، عبر تصريحات تلفزيونية يمارسها ويشارك فيها متآمرون (عتقية) على الاردن. وعبر خطب لعدد من المسؤولين قد يكون اداء بعضهم من الحجج التي يستخدمها أعداء الاردن لتحريض بعض الاردنيين على بلدهم.
غير خطب هؤلاء المسؤولين، هناك البيانات الإنشائية الممجوجة المكررة التي تصدر عن احزاب لا حضور لها لدى الرأي العام الاردني، وبالتالي لا تأثير لها عليه، ومثلها تلك التي يصدرها البعض باسم عشائرهم، ومثلها ايضا سلسلة المهرجانات التي تنظمها احزاب وعشائر وافراد، بنفس المنطق وبنفس العبارات، على قاعدة كفى الله المؤمنين شر القتال، مع ان الامر يحتاج إلى قتال من نوع اخر، هو القتال الذي يستهدف استقطاب العقول والقناعات، وفي حالتنا الاردنية هناك ايضا هدف حماية عقول وقناعات الاردنيين، من الاستلاب، وتجييش بعضها ضد بلدهم.
ولتحقيق ذلك كله يجب ان تتوفر لنا خطة تعبئة وطنية، لتحصين الاردنيين فكريا وثقافيا، وحماية الرأي العام الاردني، بل واسترداده، لانه لابد من الاعتراف بان جزءا كبيرا منه مختطف.
وحتى نمتلك هذه الخطة الوطنية لمواجهة مخطط استهداف الاردن، لابد اولا من الحزم في المواجهة، فليس من المعقول ان يكون موقف المسؤول الأردني هو مجرد الرفض اللفظي، في مواجهة الاساءة للقوات المسلحة والمؤسسات الامنية، فهذا النوع من الاساءات وقبلها التآمر العملي يجب ان تتم مواجهتهما باجراءات عملية حازمة. وهي إجراءات لا تتخذها الايدي المرتجفة لبعض المسؤولين، الذين صموا ويصمون أسماعهم عن الكثير مما قدم لهم لمواجهة مخطط استهداف بلدنا قبل استفحاله، على قاعدة (وانا مالي) وبحجة عدم الاختصاص التي يتبعها الكثير من المسؤولين في بلدنا وكأن حماية الاردن مسؤولية فريق دون آخر؟!.