أبو هاشم تكتب: شاشات تسرق الطفولة

يواجه عدد كبير من الأطفال اليوم تحديات تتعلق بفرط الحركة وتشتت الانتباه، وهي حالة شائعة تؤثر على سلوكهم وتحصيلهم الدراسي، وتثير قلق الأهل والمعلمين أيضاً،وتعتبر هذه الظاهرة التي تظهر عادةً في سن مبكرة، تتسم بحركات مفرطة، واندفاع، وعدم القدرة على التركيز، دون وجود سبب عضوي واضح، ومن المعروف أن طبيعة الطفل تقوم على الفضول وحب الاستكشاف، وهو ما يجعل المحتوى المرئي – مثل مقاطع الفيديو المليئة بالألوان الزاهية والحركات المتكررة – جاذبًا له بشكل كبير. لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن هذه المقاطع تجعل عقل الطفل في وضعية “استقبال فقط”، دون أن يُتاح له التفاعل أو استخدام خياله. ونتيجة لذلك، تتراكم الطاقة الحركية والنفسية داخل الطفل دون تصريف، مما يؤدي إلى انفجار هذه الطاقة لاحقًا على شكل سلوكيات عدوانية، كالتكسير، التخريب و الضرب.

هذا التأثير لا يقف عند حد السلوك، بل يمتد ليغير طريقة تفكير الطفل، إذ يبدأ في تقليد محتوى لا يناسب عمره، مما يجعله يتجاوز مرحلته العمرية ذهنيًا، ويفقد شيئًا فشيئًا عفوية الطفولة. كما ينعكس ذلك سلبًا على تحصيله الدراسي، بسبب تراجع التركيز، وتشتت الانتباه، والانشغال بالمحتوى المرئي عوضًا عن الدراسة والتفاعل الواقعي مع المحيط.

الأخطر من ذلك هو قدرة المقاطع الترفيهية على إقناع الطفل بأفكار ومفاهيم غير واقعية، عبر شخصيات كرتونية أو مؤثرات صوتية وحركية تجذب انتباهه بسهولة، وتؤثر على إدراكه للواقع على سبيل المثال، الشخصيه الكرتونية "سبايدرمان" فهي تظهر للطفل عكس الواقع؛ فبعض الأطفال يحاولون تقليد حركات “سبايدرمان” الخطيرة مثل القفز أو التسلق، دون إدراك لخطورة ذلك على أرض الواقع.

من الواضح أن المقاطع القصيرة المنتشرة على الإنترنت تؤثر بشكل كبير على الأطفال من نواحٍ متعددة، فهي تضعف تركيزهم، وتقلل من قدرتهم على التفكير والتخيل، وتدفعهم إلى تقليد سلوكيات لا تناسب أعمارهم. كما تؤثر على سلوكهم اليومي فتزيد من التشتت وفرط الحركة، وتخلق فجوة بينهم وبين عالمهم الواقعي. لذلك من المهم أن يحرص الأهل على متابعة ما يشاهده أطفالهم، وتنظيم وقت استخدام الأجهزة، وتعويض ذلك بأنشطة حقيقية تعزز التواصل والتفكير السليم وتُعيد للطفولة براءتها الطبيعية.