و أقصد هنا الأتحاد الأوروبي ، المكون من 27 دولة أوروبية ، بمساحة هي أكثر من 4 ملايين كلم مربع ، و عدد سكان حوالي 450 مليون نسمة ،وهو الذي تأسس نتيجة لمعاهدة " ماستريخت " عام 1992 ، أي بعد عام على انهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 ، و هو تجمع اقتصادي عملته " اليورو " ، و هو سياسي ، و عسكري يشكل مع الولايات المتحدة الأمريكية منذعام 1949 حلف " الناتو " الغربي ، المواجه لروسيا الاتحادية و عموم دول شرق و جنوب العالم ، و للاتحاد السوفيتي سابقا ، علما بأن روسيا و بلاد السوفييت السابقة تخلوا عن حلفهم " وراسو " عام 1991 ، و توجهوا لتشكيل جبهة روسية – سوفيتية سابقة عسكرية داخل تجمع " إس ، إن ، غ " . و أكثر دول الأتحاد الأوروبي نشاطا و عداءا لروسيا الاتحادية تحديدا ، و ممارسة للدسيسة " الأنتريغا " ضدها ، هي ( بريطانيا ، و فرنسا ، و المانيا ، و إسبانيا ) ، و سويسرا في شمال غرب أوروبا ليست محايدة ،وفيها ولدت الصهيونية العالمية وسط مؤتمر بازل عام 1897 ،و حولت عملها إلى مؤسسة " الأيباك " للعلاقات اليهودية – الصهيونية – الأمريكية " المؤسسة عام 1953 بواشنطن العاصمة . و الغريب هنا في أمر الأتحاد الأوروبي هو حصوله على جائزة نوبل للسلام في أوروبا ،و لجهده في مجال حقوق الإنسان عام 2012 ، بينما يمارس إشعال الحرب بين روسيا و أوكرانيا بحجة الدفاع عن سيادة أوكرانيا ،و عيونه على ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ،و احباط نهوض روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، و يدير ظهره لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ عام 2023 و حتى الساعة .

العتوم يكتب: ليرفع الاتحاد يده عن الحرب
مدار الساعة ـ
و المعروف لنا في المقابل ، هو بأن المملكة المتحدة – بريطانيا انشطرت عن الأتحاد الأوروبي عام 2020 ، وتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب التي انشطرت عن الاتحاد الأوروبي سياسيا العام الحالي 2025 . وما رغبت بقوله هنا ، هو بأن الحرب الأوكرانية التي بدأت من وسط العاصمة " كييف " و نظامها السياسي المتطرف المحسوب على التيار البنديري المشابه القادمة جذوره من عمق النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية على يد مؤسسها ستيبان بانديرا 1939 - 1945 ، و ليس من العاصمة موسكو كما يشاع إعلاميا في الغرب وسط موجة الفوبيا المعادية لروسيا الناهضة ،و لاعلاقة فعلا لا قولا فقط للاتحاد الأوروبي مع العلاقات الروسية – الأوكرانية ، و ليس من شأنه تصعيد الحرب بينهما ، و مسألة قلقه على سيادة أوكرانية مخادعة و سرابية . و روسيا الأكثر حرصا على سيادة أوكرانيا منذ منح الاتحاد السوفيتي المنهار الاستقلال لأوكرانيا عام 1991 شريطة عدم الذهاب لعقد تحالفات عسكرية معادية ، و عدم ادارة الظهر، و الالتزام بإتفاقية " مينسك " ، وهنا مربط الفرس .
وقابل هذه المعادلة مراقبة روسيا لحراك الثورات البرتقالية ،و انقلاب " كييف " الدموي عام 2014 ، الذي اطاح بنظام- فيكتور يونوكوفيج - الصديق لروسيا ،ومن حافظ على استقرار العلاقات الأوكرانية – الروسية كما من سبقه من رؤساء أوكرانيا في الفترة الزمنية التي تبعت انهيار الاتحاد السوفيتي مثل (كرافجوك ، و كوجما ، و يوشينكو ) ، و حتى في عهد الرئيس الأسبق بيترو باراشينكا ، رغم مماطلته في تنفيذ اتفاقية " مينسك " عام 2015 .وقابلته روسيا بضم إقليم القرم . ومنذ بداية الحرب الأوكرانية رصدت روسيا حراكا لوجستيا غربيا قادته بريطانيا – باريس جونسون ، و أمريكا – جو بايدن ، و اشترك معهما في الدسيسة الغربية هانتر – جو بايدن الذي كلف بالاشراف على أكثر من 30 مركزا بيولوجيا ضارا بالتجمع السلافي و السوفيتي و الروسي البشري . و معا شجعوا غرب أوكرانيا على امتلاك أكثر من قنبلة نووية بهدف تحقيق نوع من التوازن العسكري مع روسيا ،و هو أمر اكتشفته روسيا مبكرا ، ولم يكن قادرا تحقيق التوازن العسكري المطلوب بطبيعة الحال خارج التحرش بسيادة روسيا فقط ، والتحريض على الاستمرار في شن حرب على شرق و جنوب أوكرانيا و التي استمرت ثماني سنوات و تسببت في قتل و تشريد أكثر من 14 الفا من المكون الأوكراني و الروسي بداية ، و التطاول على خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، وعلى جسر القرم ، و اغتيال صحفيين روس ، و جنرالات أيضا ، و اجتياح لمدينة " كورسك " الحدودية ، و قصف مدينة بيلغاراد ، و الإعلان إعلاميا عن اجتياحها ، وكل ذالك السلوك الأوكراني السلبي ، و في مقدمته تدمير اتفاقية " مينسك " ، و رفض التفاوض مع موسكو، و رشقها و روسيا بالمسيرات الغربية الصنع ، و افشال حوار " أنقرة " ، وهو الأمر الذي قابلته روسيا قبل و بعد بتحريك العملية العسكرية الخاصة الأستباقية ، الدفاعية ، التحريرية بتاريخ 24 شباط 2022 ، و تمكنت خلالها من تحرير حوالي 25 % من الأراضي الأوكرانية الشرقية ( القرم ، و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك ، وزاباروجا ، و خيرسون ) و أصبحت جزءا من الدستور الروسي .
ومضت روسيا ذات الوقت بالبحث عن سلام عادل يكفل لها المحافظة على سيادتها ، و هي بالمناسبة و بما تملك من مساحة هي الأكبر في العالم ( أكثر من 18 مليون كيلومتر مربع ) ليست بحاجة لاحتلال أوكرانيا ، و سيطرتها على شرق و جنوب أوكرانيا عبر صناديق الأقتراع و العملية العسكرية الخاصة هدفه منع بيع " الدونباس " من قبل نظام أوكرانيا للغرب الأمريكي ، و هو موقع استراتيجي بالنسبة لروسيا على المستووين العسكري و الاقتصادي حيث يقع أكبر مخزون للفحم في العالم . و لا توجد مصلحة لروسيا لاحتلال أوروبا ، و هو الهاجس الذي يرافق أوروبا ، و الاتحاد الأوروبي حتى منذ قبل تأسيس حلف " الناتو " الغربي العسكري عام 1949 ، و الذي شكل سببا رئيسا لتأسيسه ، ولم يشهد التاريخ المعاصر منذ زمن الاتحاد السوفيتي و في الزمن الروسي المعاصر أية إشارة تؤكد رغبة روسيا بالزحف عسكريا تجاه الغرب ، وكل ما تقوم به ، هو منع " الناتو " من الزحف شرقا تجاه الحدود الروسية البرية و المائية ، ومن كل الجهات الاستراتيجية .
وقابل ذلك حل الاتحاد السوفيتي لحلف " وارسو " تزامنا مع انهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991 ، و توجه روسيا الاتحادية للاعتماد على نفسها عسكريا على مستوى عسكرة الجيش ،و البحرية ، و الفضاء ، و تطوير سلاحها نوعا كل عشر سنوات ،و المحافظة على تربعها على المرتبة الأولى في قوة النار ، و على مستوى السلاح النووي العسكري ، و التحالف مع المنظومة السوفيتية السابقة ، و مع الصين ، و الهند ، و كوريا الشمالية . ولقد كشفت روسيا عن تحالف عسكري روسي مع كوريا الشمالية في معركة تحرير مدينة كورسك الحدودية و منطقتها الأوسع . و تقود روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي و اندلاع العملية الروسية العسكرية توجه تعددية الأقطاب المناهض لأحادية القطب الغربي . وحاليا عام 2025 نجحت روسيا في الاقتراب من الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب عبر لقاءات المملكة العربية السعودية على مستوى الخارجية و الخبراء ، و اقناع واشنطن بأن من بدأ الحرب " كييف " و ليس موسكو ، و بالوثائق و الأدلة الدامغة ، و أصبح ترامب يتفهم بأن رئيس دولة " كييف " و غرب أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي ، هو من يدفع بالعالم لحرب نووية ثالثة مدمرة للحضارات و البشرية ، و بأنه كان يعتقد بأن ثمن الحرب الأوكرانية ستكون مجانية ، و هو أي ترامب بدأ يطالبه بدفع ثمن الحرب مع الفوائد عبر توقيع اتفاقية مصادر طبيعية ، و التي وقعها مع زيلينسكي بالطبع قبل فترة وجيزة برقم وصل إلى 500 مليار دولار وليس إلى 350 مليار دولار كما اعتقد نظام " كييف " .
وفي الوقت الذي تغيرت فيه العلاقات الجيوبولوتيكية بين روسيا و أمريكا اليوم ، الأصل أن يلتقط الاتحاد الأوروبي الأشارة و يبتعد عن الحرب الأوكرانية و يرفع يده عنها ، و يعمل على تطوير علاقاته ايجابا مع أمريكا و روسيا معا . و في نهاية المطاف سلام معقول خير من حرب مدمرة لا رابح فيها .