أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: الانحياز لمن ؟ لروسيا أم أوكرانيا ؟ الحقيقة هي المعيار


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الانحياز لمن ؟ لروسيا أم أوكرانيا ؟ الحقيقة هي المعيار

مدار الساعة ـ

بحكم دراستي في جامعتي فارونيج و موسكو الحكوميتين ، في روسيا الاتحادية بالذات في زمن الاتحاد السوفيتي ، و بسبب المصاهرة من هناك ، أسمع أحيانا كلمات ترن في أذني ، مصدرها من يقرأ مقالاتي التحليلية بقوة أو بضعف ، و يتابع مشاركاتي الفضائية الإعلامية ، و في المؤتمرات ذات العلاقة في السياسة الروسية و الدولية ، مفادها الانحياز لروسيا الاتحادية على حساب أوكرانيا ، رغم بحثي دائما عن الحقيقة وما وراءها و الكتابة بموضوعية ، ومن يصيب أنصفه ، ومن يخطيء أصوب خطأه ، و لا هدف أبعد . و موقف الأردن الرسمي بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله محايد من الحرب الأوكرانية – الروسية و بالعكس .

و للعلم فقط ، لقد عرفت الاتحاد السوفيتي ، عندما شكل عائلة واحدة ، و سياسة واحدة ، و اقتصاد واحد ، و جغرافيا متلاصقة واحدة ، ولم يكن أحدا حينها يميز بين روسي و أوكراني في ذلك الوقت . و شخصيا اتردد على مدينة الحسب و النسب " روسوش " وسط محافظة فارونيج – جنوب موسكو العاصمة ،و المحاددة لأوكرانيا من جهة الجنوب الروسي و الشمال الأوكراني بمسافة كليومترات محدودة ، و السكان هناك يتحدثون لغة ممزوجة باللغتين الروسية و الأوكرانية ، و الروس و الأوكران تحديدا فيها أشقاء و جيران ، و أصدقاء لنا ، و يعانون معا من ضعف تعبيد شوارعهم الداخلية غير المتابعة من قبل ادارتي ( فارونيج و موسكو) القريبتين في زمن غياب الرقابة ، و عزوف المسؤولين عن الهبوط للشارع ، وابتعاد الإعلام عن عكس الواقع ، و صمت المواطن صاحب الحاجة، وهو الذي يتطلع للأفضل و يرفض الفساد في بلاده و الذي يتكرر في كل العالم . و يتابعون شؤون الحرب أفضل من الذين يعيشون في العمق الروسي وخارج روسيا . و سكان مدينتي " بيلغاراد " و " كورسك " يشعرون بنيران الحرب أكثر لقربهما من الحدود .
لقد شكل عام 1991 حدا فاصلا بين المكونين السياسين الروسي و الأوكراني بعد صدور قرار تفكيك الاتحاد السوفيتي تلبية لنداء ميخائيل غورباتشوف بالتوجه للغلاسنوست – الشفافية و الديمقراطية لتحل مكان النظام السوفيتي الشمولي ، و لتوزيع ثقل الحرب الباردة و سباق التسلح مع الغرب . و للانتقال من المركزية إلى اللامركزية و استقلال الجمهوريات الخمسة عشر التي بنت الاتحاد السوفيتي طوعا عام 1922 . ولم تحسن روسيا اختيار باريس يلتسين رئيسا أولا لها ، لكنها أحسنت في اختيار فلاديمير بوتين رئيسا قويا مخلصا فولاذيا قادرا على خدمة رسالة روسيا الوطنية و القومية لسنوات طويلة منذ عام 2000 ، و قد تمتد حتى عام 2030 ، تخللتها فترة رئاسية للرئيس دميتري ميدفيديف عام 2008 وصفت بالليبرالية ، و أصبح الان رئيسا لمجلس الأمن الروسي ، بينما كان بوتين يدير روسيا من وسط كرسي رئاسة الوزراء في الظل ، وهو القادم للسلطة من أتون جهاز الأمن الروسي ( كي . جي . بي ، ومن ثم في . إس . بي ) .
لقد رسمت أوكرانيا – بيترو باراشينكا ،و فلاديمير زيلينسكي طريقا مختلفا و غير متوقع بعد الانفكاك عن الاتحاد السوفيتي ، و بدلا من البقاء داخل المنظومة السوفيتية السابقة و بالقرب من روسيا الاتحادية جارة التاريخ أيضا ، فضلت التغريد خارج السرب ، و التجذيف تجاه الغرب و حلف " الناتو " المعادي لروسيا و لكل السوفييت و الشرق . و حركت الثورات البرتقالية تحت شعار الاصلاح الضبابي ،و نفذت انقلاب " كييف " الدموي عام 2014 و بالتعاون مع الغرب ، و تحديدا مع المملكة المتحدة – بريطانيا – باريس جونسون ، الولايات المتحدة الأمريكية – جو بايدن ، و هانتر بايدن ( صاحب مشروع المراكز البيولوجية الضارة بالتجمع السلافي ، و السوفيتي ، و الروسي ) ، وبهدف الاضرار بنهوض القطب و الدولة الروسية العظمى تحت ذريعة المحافظة على استقلال أوكرانيا عبر ضم جناحها الشرقي و الجنوبي قسرا ، و التسسب بحرب غير مبررة و سقوط الاف القتلى و تشريد غيرهم ،وهو الذي قابله الشرق و الجنوب بصناديق اقتراع لصالح الانضمام لروسيا . و استهداف لجسر القرم ،و لخط الغاز – نورد ستريم 2 ،واغتيال الصحفيين و الجنرالات الروس .
و العملية العسكرية الروسية الخاصة جاءت بتاريخ 24 شباط 2022 دفاعية بسبب أن موسكو لم تبدأ الحرب ، و إنما بدأت من العاصمة " كييف " و من عواصم الغرب و من واشنطن . و من بدأ الحرب ، و رفض الحوار مع موسكو عبر اتفاقية " مينسك 2015 " ،و لا حقا رفضه ثانية عبر حوار أنقرة عام 2022 ،و التحريض بهذا الاتجاه ، خسر السلام و الأمان . و لقاء إسطنبول 2025 شكل فرصة جديدة قوية تجاه السلام ، و بمبادرة مباشرة من الرئيس فلاديمير بوتين ، و دعم سياسي ناجح و قوي من الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب الأكثر بكثير تفهما لرغبة الجاراتان روسيا و أوكرانيا لسلام عادل و حسب رؤية كل طرف . و مظلة سياسية تركية ناجحة للسلام الروسي و الأوكراني تتكرر.
للوصول إلى سلام نهائي بين روسيا و أوكرانيا ( كييف ) لابد من ترتيب الأوراق النهائية الخاصة بتوقيع السلام و المتعلقة مباشرة بضرورة من يحق له توقيع السلام عن الطرف الأوكراني تحت النار .و المعروف هو أن الرئيس فلاديمير زيلينسكي لا يملك صلاحية توقيع السلام لأنتهاء مدته الرئاسية ،و على العاصمة " كييف " البحث عن بديل شرعي رسمي .وفي المقابل على النظام الأوكراني أن يعي بأنه في حربه و عبر المسيرات الغربية الصنع على موسكو العاصمة يمارس الشغب فقط ، و لن يتمكن من تحقيق نتائج على الأرض رغم مساندة الاتحاد الأوروبي له و بطريقة الدسيسة " الأنتريغا ". و روسيا تتقدم كل يوم خارج الأراضي المحررة ( القرم ، و الدونباس – لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) مستثمرة استمرار الحرب لصالحها . و مقولة المستشار الألماني أتوفون بسمارك بأن من يسرق روسيا عليه أن يعرف بأنها ستعود لاسترداد ما سرق صحيحة ، و مثلي هنا اجتياح نظام " كييف " لمنطقة كورسك الروسية سابقا ، و تحرير روسيا لها كاملة قبل فترة وجيزة . وهي التي حظيت بزيارتين للرئيس بوتين عسكرية و سياسية .
روسيا الاتحادية من يعرفها لا تشبه إسرائيل في سلوكها الحربي ، فهي لا تستهدف رموز نظام أوكرانيا ، و لا المواطنين الأوكران و تعتبرهم أشقاء و جيران ، بينما تستهدف " كييف " المواطنين الروس ، و تغتال الصحفيين و الجنرالات الروس في ميادين القتال و في العمق الروسي . و لتحقيق سلام قادم بين أوكرانيا و روسيا و بالعكس ، المطلوب من الطرفين الروسي و الأوكراني التوقف عن الحرب الإعلامية و الحرب الإعلامية المضادة ، و سلام معقول عادل خير من أية حرب مدمرة غير مسؤولة .
الاتحاد الأوروبي في المقابل أيضا مطالب برفع يده عن الحرب ، و عن اسناد العاصمة " كييف " و بشكل سرابي ملاحظ ، ولا داعي للتخوف من اجتياح روسيا لأوروبا ، و لا ترغب روسيا باحتلال أوكرانيا ذات الوقت ، و ما عملت على تحريره هي أراضي روسية الأصل ، و دخلت الدستور الروسي . و التاريخ الروسي المعاصر شاهد عيان على صناعة فلاديمير لينين ، و جوزيف ستالين ، و نيكيتا خرتشوف لكامل أوكرانيا ، و هو الذي يجهله الغرب ، أو يغمض عينيه عنه عن قصد .
لا أحلاف عسكرية لروسيا الان ، و إنما صداقات عسكرية ، و سبق حل حلف ( وارسو) مع حل الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، بينما لازال حلف ( الناتو) عاملا منذ عام 1949 . و سبق لروسيا – بوتين أن عرضت على أمريكا – كلينتون عام 2000 دخول " الناتو " للجم الحرب الباردة و سباق التسلح و ليعم السلام كل العالم ، و لتسود التنمية الشاملة الخادمة للبشرية . و أخيرا هنا و ليس أخرا ، من المهم الأنتباه إلى أن في روسيا قائد واحد ،وقيادة و احدة ، بينما في العاصمة " كييف " قائد انتهت صلاحيته الدستورية ، مرتبط بقيادة في الاتحاد الأوروبي ، و أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية .
مدار الساعة ـ
story