أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

آلاء النجار.. وجع الأمهات وصبرهن


محمود خطاطبة

آلاء النجار.. وجع الأمهات وصبرهن

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
شموخ كالجبال، صبر، صمود، هدوء، عفوية، رضا، لا تمثيل، ولا تصنع.. هكذا تلقت طبيبة الأطفال، الدكتورة آلاء النجار، مأساتها، عندما تفاجأت بوصول جثامين أطفالها التسعة إلى مُستشفى التحرير بمُجمع ناصر الطبي في قطاع غزة، إثر غارة إسرائيلية عسكرية همجية من أصل مائة غارة تعرضت لها منطقة خان يونس في غزة، يوم الجمعة الماضي.
مشهد هزّ مشاعر كل إنسان في العالم، يتمتع بقليل من الإنسانية والآدمية، حيث كانت تقوم الطبيبة آلاء برسالتها وواجبها المهني والإنساني والأخلاقي، تجاه مُصابين يتجرعون الألم كُل ساعة، جراء آلة البطش الصهيونية الغاشمة على أُناس مدنيين عُزل، بدعم من الولايات المُتحدة الأميركية، ووسط صمت المُجتمع الدولي.
على الرغم مما أصابها من فاجعة، كانت تُتمتم بكلمات التسبيح والاستغفار، وكأن لسان حالها يتضرع إلى العظيم جل في عُلاه أن يربط على قلبها، ويلهمها الصبر والسلوان.. نعم فاجعة، كيف لا؟، وقد تدمر بيتها، وقُبيل ذلك مُحيت عائلتها بأكملها (تسعة أطفال)، أعمارهم تتراوح ما بين عامين و12 عامًا، بالإضافة إلى زوج وطفل عاشر يقارعان الموت الآن.
الطبيبة آلاء، لم تُسارع، كما يفعل بعض الكتاب والمُحللين والمؤثرين، إلى الظهور على شاشات الفضائيات، ولم تقم بندب مُصيبتها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا)، حتى أنها رفضت إجراء أي لقاء صحفي.
صورة الصبر والصمود، التي جسدتها الطبيبة آلاء، تُجسد بشكل عام قوة المرأة الفلسطينية.. فمثل هؤلاء سيُنصفهم التاريخ يومًا ما، وسيُعرج المؤرخين والكتاب والمُثقفين، إلى بطولات سطرتها فلسطينيات فقدن الأخ والابن والزوج والأب والأم، وكيف بقين صامدات صابرات، مُتشبثات بالأرض.
فأي عقل يتحمل أن تستقبل الأُم أشلاء طفل لها مُتفحم، فكيف إذا كانت الأشلاء لتسعة من أطفالها؟.. الكلمات لا تكفي لوصف ما يحصل في غزة، فما أصاب الطبيبة آلاء، أصاب الكثير من الأُمهات، فآلة البطش الغاشمة تُمعن في استهداف عائلات بأكملها، فلا يشك أحد بأن ذلك التدمير والمآسي إحدى حلقات المُعاناة، أو بمعنى أصح المجازر والإبادات الجماعية.
لعل وعسى، أن تُحرك مثل هذه الجرائم المروعة الضمير العالمي، ومن ثم السعي بشكل حقيقي لوقف الإرهاب الصهيوني، ضد شعب أعزل، لا يملك سوى الدعاء والصبر، في وقت تتم فيه هذه الجرائم تحت أنظار مُجتمع دولي مُتواطئ، لا بل وبعض دوله داعمة له.
نستطيع أن نُطلق على ما يحدث لأُمهات ونساء غزة، بأنه مُعجزة، سيذكُرها التاريخ في قابل الأيام، أو بطولات ستكون ذات يوم حديث لآباء وأجداد لأبنائهم وأحفادهم، أو بين طلبة الجامعات، أو أبناء الحي الواحد في كُل بقاع العالم.. كُل ذلك جائز، وحصوله يتعدى نسبة التسعين بالمائة، لكن ما هو مؤكد أو يقين، حاصل لا محالة، بأن رب العالمين سيُحاسب الجميع على ذلك، وسينطبق علينا قوله عزوجل "وقفوهم إنهم مسؤولون".
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
story