div>في زمن بات فيه ظهور القادة مقترناً غالباً بالخطابات الرسمية والفعاليات البروتوكولية اختار ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني أن يكون ظهوره مختلفاً من خلال الفيلم الوثائقي "نشمي"الذي عرض على شاشة التلفزيون الأردني كشف الأمير عن جانب قلما يرى في قادة الصف الأول: الجانب الإنساني الطبيعي والعفوي ولكن المؤطر بالحكمة والاتزان.
منذ اللحظات الأولى للوثائقي يلمس المشاهد أنه أمام شخصية مختلفة لا يبحث الأمير عن الأضواء بل يسمح للكاميرا بأن ترصد واقعاً بسيطاً شاب أردني نشأ في بيت ملكي لكنه لم يعزل عن روح الشارع ولا عن شغف الحياة حديثه عن عشقه للرياضة عن الذكريات التي شكلته يعكس روح القائد الذي لا يكتفي بالإدارة بل يعيش الشغف ويتنفس التفاصيل.
الحسين في "نشمي" لا يكتفي بأن يكون حاضراً جسدياً بل هو حاضر ذهنياً وعاطفياً يختار كلماته بعناية دون تصنع ويتحدث بوضوح دون مبالغة يبتسم حين يكون للموقف طرافة ويتأمل حين يكون الحديث جاداً هذا التوازن الفريد بين التواضع والهيبة بين الصراحة والحذر هو ما يجعل حضوره قيادياً بامتياز.
ما يلفت النظر في الوثائقي ليس فقط حب الأمير للرياضة بل نظرته لها هو لا يتعامل معها كترف أو استعراض بدني بل كقيمة. يقولها بوضوح: "الرياضة تعلم الانضباط وتحفز على الالتزام وتبني الصبر والثقة وتلك ليست شعارات بل فلسفة حياة لقد آمن الحسين بأن الرياضة قادرة على بناء الإنسان والمجتمع كما آمن بأن دعم الرياضيين هو جزء من دعم الأردن في سعيه للتميز.
ما يميّز ظهور ولي العهد في هذا الوثائقي هو مفهوم "القرب القيادي" فهو ليس بعيداً ولا معزولاً بل أقرب ما يكون من نبض الشارع ومن هموم الشباب الذين يشاهدونه ومع ذلك لا يفقد مكانته الرمزية هو قريب دون أن يزول منه الوقار وهو ابن الشعب دون أن يتخلى عن ملامح الدولة هذا التوازن هو جوهر "القدوة" التي يبحث عنها جيل كامل.
لم يحمل "نشمي" خطاباً سياسياً ولم يتضمن شعارات رنانة لكنه أوصل رسالة أعمق من ذلك بكثير: أن القائد الحقيقي لا يختبئ خلف المكاتب بل يعيش بين الناس يقاسمهم تجاربهم ويمثلهم بحقيقة لا تصطنع وأن الأردن بقيادته وشعبه لا يصنع مستقبله بالكلام بل بالعمل والتفاني والانتماء.
مجمل القول،،،"نشمي" لم يكن مجرد وثائقي عن الرياضة بل كان نافذة على روح الأمير ومرآة تعكس قيمه وشاهداً حياً على اتزانه ووعيه وفي زمن يبحث فيه الناس عن من يمثلهم بصدق، جاء الحسين، لا فقط كـ "ولي عهد" بل كـ "نموذج" أردني شاب يفهم معنى القيادة ويجسدها بالفعل لا بالقول.