أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: هل استدرج الأميركان السوفييت إلى أفغانستان ؟


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: هل استدرج الأميركان السوفييت إلى أفغانستان ؟

مدار الساعة ـ

ليس كل ما يكتب خبرا . و ليس كل ما تخطه الكتب صحيحا . فما بالكم إذا ما كانت الكتب المنتشرة في المكتبات استخبارية الطابع . فليس صحيحا أبدا ، بأن الجهاز اللوجستي الأمريكي ( سي . أي . إيه ) هو من استدرج الاتحاد السوفيتي لاجتياح أفغانستان عام 1979 بهدف اضعافه ، و تكسير قوته في مجال التصدي للحرب الباردة و سباق التسلح مع الغرب الأمريكي . وكلنا نعرف في المقابل ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية صنعت سلاحها النووي عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية و جربته فورا بضرب اليابان في واقعتي ( هيروشيما و ناكازاكي ) بهدف ضمانة إنهاء الحرب . و تمكن الاتحاد السوفيتي من صنع سلاحه النووي عام 1949 لردع أي هجوم غربي مباغت ، و اكتشف مؤامرة نووية عليه في نفس العام من قبل الغرب ،و عندما عرف الغرب بوجود قوة نووية سوفيتية ظهرت حديثا تراجع عن مشروعه التدميري بحقه .

لكنه ، أي الاتحاد السوفيتي لم يستخدمه أبدا ، و أعلنت روسيا الاتحادية مؤخرا عام 2024 عن استراتيجية عسكرية دفاعية جديدة تخولها استخدام الردع النووي حالة مهاجمتها نوويا ، أو على شكل هجوم تقليدي مباشر مكثف .و اليوم تمتلك روسيا لوحدها تراسانة نووية عسكرية ، و منها بحرية ، و فضائية ، متطورة و الأولى في العالم ، و لا تضاهيها قوة نووية في الغرب غير الأمريكية . و المعنى هنا ، هو ، بأن أمريكا تعرف مسبقا ، و لديها قراءة استخبارية دقيقة تؤكد عدم قدرتها على مناكفة القوة النووية الروسية العسكرية رغم ارتياحها لتفكك الاتحاد السوفيتي 1991 .
لقد كان عنوان الاجتياح السوفيتي لافغانستان عام 1979 ، العلني و السري ، هو التصدي للحرب الباردة و سباق التسلح مع الغرب بقيادة أمريكا – الولايات المتحدة الأمريكية .و الاتحاد السوفيتي مثل خمس عشرة جمهورية ، بينما مثل الغرب 50 دولة ، و تركز السلاح النووي الكبير في روسيا و في أمريكا في المقابل ،و لم تتأثر روسيا كثيرا من تفكيك الاتحاد السوفيتي ، رغم أهمية التشكيلة السوفيتية على المستوى الاستراتيجي العسكري و الاقتصادي . و هبط الاتحاد السوفيتي في أفغانستان قبيل سويعات من هبوط الولايات المتحدة الأمريكية فيها ، و الهدف الدقيق عدم السماح لصواريخ حلف " الناتو " المؤسس عام 1949 من الأقتراب من العمق السوفيتي و العاصمة موسكو ، خاصة بعد خسران الاتحاد السوفيتي ، و روسيا تحديدا لإقليم " ألاسكا " عام 1867 ، وهو الذي تم بيعه في العهد القيصري رغم موقعه الاستراتيجي العسكري ، و الاقتصادي الكبير .
و الصورة ذاتها تكررت عام 2014 عندما حاول الغرب الأمريكي في عهد رئيس وزراء بريطانيا – باريس جونسون ، و الرئيس الأمريكي – جو بايدن اختراق الجدار الأوكراني لزج " الناتو " لداخل الأراضي الأوكرانية المحاددة من جهة الجنوب من روسيا الاتحادية الناهضة عسكريا و نوويا عسكريا ، و على مستوى اقتصاد أسيا . و غرر بنظام أوكرانيا الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و قاده بيترو باراشينكا ، و فلاديمير زيلينسكي ، و أغرقه بحرب شعبية بداية استهدفت المكون الأوكراني و الروسي استمرت ثماني سنوات راح ضحيتها أكثر من 14 الفا منهم ،و تشرد غيرهم ، و زاد عدد القتلى من الطرفين الأوكراني و الروسي بسبب استمرار الحرب الأوكرانية أكثر من ثلاث سنوات بمعدل 1-8 لصالح روسيا .
لم يكن الاتحاد السوفيتي في عهد ليونيد بريجنيف راغبا بالبقاء في أفغانستان أو احتلاله رغم مساندة ( أنغولا ، و المانيا الشرقية ، و فيتنام ، و الهند ) لتوجهه تجاه أفغانستان . و من الطبيعي في المقابل وعبر عشر سنوات من القتال السوفيتي الشرس مع التطرف الأفغاني لتنظيم طالبان في الجبال الوعرة أن تتصدى له الاستخبارت الأمريكية و الغربية ،و حلفاء الغرب ( باكستان ، و عرب الجزيرة ، و إيران ) ، و الهدف بعيد المدى الثأر لعدم سماح السوفييت لأمريكا و الغرب ، و للناتو ، بالهبوط في أفغانستان ،و استفرادهم بالمنطقة الافغانية الاستراتيجية عسكريا أنذاك ، و التي شكلت نقطة فاصلة بين الشرق و الغرب . ومن غير المعقول تصور بأن الاتحاد السوفيتي كان يعمل من دون جهد عالي لجهاز ( الكي . جي . بي ) الأمني المخترق للغرب ، تماما كما جهاز ( السي . أي ، إيه ) الأمريكي المخترق للشرق ،و لكن بسقف و حدود معقولة . وجاء عهد ميخائيل غورباتشوف الليبرالي ، و الداعي للغلاسنوست ، و الشفافية ، لينهي حقبة التدخل و الاجتياح السوفيتي لأفغانستان ، و ليضع حدا نهائيا لبقاء جبروت الاتحاد السوفيتي ، و حلف ( وارسو ) العسكري الشرقي كذلك .
روسيا الاتحادية و الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ، اللذين يشكلان قوتان نوويتان عملاقتان على وجه الأرض ، يعبران جسرا من العلاقات السياسية الدافئة بعد لقاء المملكة العربية السعودية على مستوى الخارجية و الخبراء ، و لقاء موسكو بوتين و لافروف مع ستيف و يتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن كل ماله علاقة بالحرب الأوكرانية شيوعا ، و البناء على جلسات الحوار الروسية – الأوكرانية في أنقرة عام 2022 ، و في إسطنبول عام 2016 ، للتجهيز للقاء جديد روسي – أوكراني تحت المظلة الأمريكية تحت اشراف ترامب و روبيو بتاريخ 2 حزيران الجاري ، و برعاية تركية رفيعة المستوى يقودها الرئيس رجب طيب أوردوغان . و اصرار روسي رسمي على تحقيق سلام دائم يتعارض مع توجه أوكرانيا ( كييف ) للوصول إلى سلام مؤقت مدته شهرا واحدا ، قد يستغله الاتحاد الأوروبي بعد انشطار الرأس الأمريكي سياسيا عنه ، للعودة لتسليح الجناح الغربي لأوكرانيا ، و اعلان المانيا عن مثل هكذا توجه عسكري الان يصب بنفس الاتجاه السلبي الذي تتوقعه موسكو ، و أنذرت المانيا بشأنه .
ومطالبة للنظام الأوكراني بقيادة فلاديمير زيلينسكي من موسكو لتسليمها ملف شروط التسوية الروسية مسبقا قبل لقاء إسطنبول في الثاني من أذار 2025 ليس في مكانها ، و تؤشر على رغبة ( كييف ) تسليم الملف للاتحاد الأوروبي للعبث في محتواه ، و للذهاب للمراوغة مع موسكو من جديد ، و حتى افشال المحادثة الجديدة في إسطنبول ، بينما يتنظر الجانب الروسي من أوكرانيا ( كييف ) تنفيذ متطلبات لقاء إسطنبول 2016 ، وفي مقدمتها تبادل ألف أسير بمثلهم ،و التوجه للاتفاق على سلام يكشف نقاط الخلاف و يؤسس لسلام حقيقي طويل المدى وعادل .
و عودة للموضوع الأفغاني في عمق التاريخ المعاصر ،و الذي هو عنوان المقالة هنا ،فإن الولايات المتحدة الأمريكية رغبت عام 2001 العودة للمربع الأفغاني بعد مغادرة السوفييت له ، بعد صدام عنيف مع المقاومة الأفغانية العارفة أكثر من السوفييت بطبيعة المنطقة الجغرافية ،و المدعومة من قبل أمريكا ، و جزيرة العرب ، و إيران ،و باكستان ، و لأسباب ذات علاقة مباشرة بالحرب الباردة و سباق التسلح ،و التحجج بوجود زعيم تنظيم القاعدة الارهابي أسامة بن لادن ، و الذي هو أحد الأسباب و ليس كلها ، و بحادثة 11 سمبتبمر 2001 على أنها من صنع القاعدة فقط ، و تبين لاحقا بإنها من صنع إسرائيل بدليل عدم تضرر يهود أمريكا بالحادثة بعد مغادرتهم لها قبل حدوثها أنذاك . ومثلما غادر السوفييت أفغانستان عام 1989، غادرها الأميركان عام 2021 ،و عادت أفغانستان لأهلها تحكمها منظمة طالبان و البشتون اللذين زجا السوفييت و الأميركان معها في صراع دموي طويل المدى .
مدار الساعة ـ
story