أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

عطلة نيابية


جهاد المنسي

عطلة نيابية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

مع دخول مجلس النواب عطلته الدستورية، تعود إلى الواجهة أسئلة جوهرية تتعلق بواقع العمل النيابي، وأدوار النواب خلال فترة توقف الجلسات، وكيف يمكن استثمار العطلة لرفع سوية الأداء النيابي مستقبلًا؟ وطريقة استثمار تلك الفترة في المراجعة والتحضير، فالانقطاع الطويل عن العمل التشريعي والرقابي لا ينبغي أن يتحوّل لانقطاع عن الناس، وانما فرصة للتقييم، وإعادة التشبيك مع القواعد الشعبية.

العطلة البرلمانية التي بدأت قبل أيام والتي قد تستمر في حال عدم الدعوة لدورة استثنائية حتى الاول من تشرين الأول المقبل وربما ابعد من ذلك، لا تعني كما يعتقد الكثيرون انها فراغ سياسي في ظل غياب الدور الرقابي والتشريعي للنواب تحت القبة، وانما هي فرصة لمراجعة جادة لدورة نيابية انتهت بحلوها ومرها، والاستعداد لأخرى جديدة، وهي فرصة لإعادة الاستماع لهموم الناس الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، وإعادة تعريف دور النائب، بحيث لا يُختزل في الحضور تحت القبة، بل ليشمل الفعل النيابي ميدانيًا، والاقتراب من هموم المواطنين.
أجزم في حال توفر الإرادة فان العطلة البرلمانية يمكن أن تتحول لمساحة لبناء جسور الثقة بين المواطن (الناخب) والنائب، وهذا يتطلب من النائب التواصل الفعال مع المواطنين وعقد لقاءات دورية معهم، وفتح مكاتب نيابية تعمل على مدار العام لتلقي الشكاوى ومتابعتها، وإعداد تقارير لتقييم أداء الوزارات الحكومية والخدمات العامة المقدمة في الدائرة الانتخابية، تمهيدًا لطرحها في المجلس بعد العطلة البرلمانية.
كما ان العطلة هي فرصة ذاتية للنواب لحضور ورش عمل ودورات تدريبية في التشريع، والموازنة العامة، والرقابة، والعلاقات الدولية، ما يسهم في رفع كفاءة النائب على المستويين التشريعي والرقابي والسياسي، وتعزيز العمل الجماعي داخل الكتل النيابية وصياغة برامج عمل مشتركة، ومواقف سياسية أكثر وضوحا ونضجا حول عدد من الملفات السياسية المهمة.
رفع سوية أداء النواب لا يتحقق داخل القبة فقط، بل يبدأ من إدراك النائب لدوره الوطني ومسؤوليته أمام الشعب، فوجود نواب قادرين على التشريع الواعي، والمساءلة الجادة، والتواصل النشط، أساس لبناء مؤسسة تشريعية قوية وفاعلة، فالوعي السياسي والخبرة والالتزام والحضور الميداني، أساس لتقييم النائب الفعّال، وتلك الاسس تتعزز من خلال التدريب والتأهيل، بعيدًا عن الشعارات الانتخابية التي تختفي غالبا بعد يوم الاقتراع.
كما هو معروف فإن قوة أي مجلس نيابي تُقاس بمدى تأثيره في حياة المواطن اليومية، ومدى كفاءة أعضائه في الدفاع عن مصالح المواطنين، والمساهمة في رسم السياسات الوطنية، ولذلك فإن عطلة مجلس النواب لا ينبغي أن تكون انقطاعًا، بل امتدادًا لدور النائب خارج الجلسات، وهي فرصة لتأهيل الذات، وتطوير الأدوات، والعودة بدورة قادمة أكثر فعالية.
المؤمل ان يستثمر النواب بشكل جاد عطلتهم تلك لتعزيز كما اشرنا ثقة الناس بالعمل النيابي، وعدم الغياب عن مشاكل المواطنين والتفاعل الدائم مع قضاياهم، فذاك يجعل النائب بعين ناخبيه ممثلًا حقيقيًا لهم، أما الغياب عن المشهد المحلي خلال فترة العطلة بين دورتين فإنه يُسهم في تعميق فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسة التشريعية، ويدفع جمهور الناس يطرحون تساؤلات مفصلية حول مدى ارتباط بعض النواب بمسؤولياتهم نحو ناخبيهم.
استثمار العطلة وجعلها ليست فترة راحة، بل فرصة للعمل خارج الأسوار الرسمية، من شأنه تجديد العلاقة مع المواطن، والتأكيد بأن النائب ليس فقط مشرّعًا، بل فاعلًا ميدانيًا ومرافقًا دائمًا لقضايا مجتمعه، فهي باختصار فترة لاختبار النوايا وترجمة الالتزامات لأفعال ملموسة على أرض الواقع، وفرصة للنواب لإعادة التموضع من جديد، والمراجعة والتقييم والعودة لقبة المجلس بهمة ورؤية وأسلوب مختلف.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ