أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف جامعات خليجيات دين مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

مهيرات تكتب: ذكاء بلا عدالة؟ حوكمة الذكاء الاصطناعي كمسار لحماية الإنسان والمجتمع


الدكتورة ميرفت مهيرات

مهيرات تكتب: ذكاء بلا عدالة؟ حوكمة الذكاء الاصطناعي كمسار لحماية الإنسان والمجتمع

مدار الساعة ـ

div>لم يعد في العالم الرقمي الذكاء الاصطناعي تقنيةً مستقبليةً، بل واقعٌ حقيقي يشاركنا قراراتنا اليومية ويؤثر على مسارات التنمية . جاء الذكاء الاصطناعي من مختبرات الشركات الكبرى في بلدان الشمال، ولم يعد محصورًا بها، بل أصبح حاضرًا في مدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا ومؤسساتنا الحكومية. ولنعترف ان الذكاء الاصطناعي ام ولن يكون محايد .لانه نتيجة للأنظمة البشرية، ففي طياته التقدم والتحيز، لذاالحوكمة مهمة لحماية للمجتمعات من الاستخدام غير المسؤول لهذه التقنية الحديثة.

يُقدّر البنك الدولي أن التأثير الحقيقي للذكاء الاصطناعي لن يقتصر على مراكز الابتكار مثل وادي السيليكون، بل سيشمل أيضًا مدنًا مثل عمّان والرباط وكراتشي، حيث تتقاطع هذه التقنيات مع قضايا محلية بالغة الأهمية كالفقر والتعليم والبطالة. ورغم استخدام الذكاء الاصطناعي عالميًا، إلا أن تأثيره مهم للغاية ويتطلب مؤسساتٍ قادرةً على توجيهه بما يخدم مصالح الناس.
في الأردن، ورغم تطور البنية التحتية الرقمية، لا تزال أنظمة الحوكمة الرقمية في مراحلها الأولى. ولا توجد حتى الآن سياسات وطنية شاملة تُنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي أو تضع معايير للشفافية والمساءلة في تطويره وتطبيقه. اذا تركنا الواقع دون معالجة، فقد تُؤدي إلى زيادة في التفاوت والفجوة الاجتماعية لاعتماد خوارزميات متحيزة دون وعي. على سبيل المثال، إذا استُخدم الذكاء الاصطناعي في التوظيف أو تحديد أهلية الحصول على الدعم الحكومي دون ضوابط واضحة، فقد يُؤدي ذلك إلى تحييز غير عادل ضد فئات معينة ، وهو ما حدث بالفعل في العديد من التجارب الدولية.
تُشير الدراسات إلى أن أكثر من 60% من الشباب في العالم العربي...يُعربون عن قلقهم إزاء فقدان وظائفهم بسبب الأتمتة، مما يجعل الحاجة إلى نظام حوكمة تضمن الاستخدام العادل والآمن للتكنولوجيا أمرًا بالغ الأهمية. ومع تزايد عدد خريجي الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، تتاح للأردن فرصة لبناء نموذج وطني فريد قائم على القيم المجتمعية ويضع الأفراد في صميم العملية الرقمية.
الحوكمة هنا ليست مجرد مجموعة من القوانين واللوائح، بل هي منهج تنظيمي قائم على الشفافية والمشاركة والمساءلة. لضمان عدم استخدام الخوارزميات بمعزل عن القيم، وعدم تحويل القرارات التكنولوجية إلى قرارات لا يمكن الطعن فيها أو فهمها. وكما يُحاسب الطبيب على تشخيصه، ينبغي أن تكون هناك مساءلة عن القرارات التي تتخذها الآلات.
رهان الأردن اليوم ليس اللحاق بالتكنولوجيا دون وعي، بل رسم مسار مستقل وحكيم ومتوازن يُعظّم فوائد الذكاء الاصطناعي دون المساس بالحقوق الفردية أو تغليب الربح على مصلحة الناس. فبدلاً من أن تكون الحوكمة عبئًا، يُمكن أن تكون محركًا للثقة والاستثمار، وسياجًا أخلاقيًا يضمن أن تكون التكنولوجيا في خدمة العدالة لا ضدها.
نمرّ حاليا بمرحلة تغيير مهمة ، حيث السؤال ليس: "إلى أي مدى سنصل مع الذكاء الاصطناعي؟"، بل: "كيف نستخدمه دون أن نفقد إنسانيتنا؟". إجابة هذا السؤال تبدأ بالحوكمة.
مدار الساعة ـ
story