نحيي الحكومة على حزمة الامتيازات للمعلمين. ومع انها لا تغني عن رفع الرواتب ولن تغير في المستوى المعيشي لمعظم المعلمين لكنها تعني الكثير لكل من تشملهم وتتضمن رسالة اهتمام عامة من الحكومة تجاه هذا القطاع واعتراف بمركزية دور المعلم في سياق مشروع النهوض الوطني بالتعليم.

كان المعلمون يصفون على الدور لأعوام للحصول على سلفة مع ان اسمها طارئة والآن سيحصل جميع المتقدمين على سلفهم دفعة واحدة وهم حوالي 7500 معلم. وسوف يتم توفير قطع أراض في المحافظات لإسكانات المعلمين ( نصف دونم للمعلم ) وزيادة المقاعد الجامعية المخصصة لأبناء المعلمين وأيضا المنح والقروض الجامعية. وهذه الميزة الأخيرة اتحفظ عليها لأنني اتحفظ على كل صيغة التخصيص القطاعي للمقاعد ( المكارم ) فقد دامت أكثر مما يجب بل وتوسعت والحال ان كل قطاع في المجتمع يريد حصّة اسوة بغيره بينما الحقيقة أن هذا النظام كله لم يعد مبررا باستثناء ما يخصص لأبناء المدارس الأقل حظا فالمنافسة غير عادلة بحقهم لعلامات القبول الجامعي وهذا بانتظار تغيير نظام القبول الجامعي كله وجذريا.

ما قامت به الحكومة تجاه المعلمين خطوة طيبة في الاطار المنشود للاهتمام بالمعلم وكرامته وقدرته على اعالة اسرته. ونعرف ان الرواتب اليوم لا تفي بمتطلبات العيش الكريم لكن هذا يشمل جميع الموظفين، ويمكن تخفيف العبىء بإجراءات أخرى لا تكلف الخزينة المثقلة بالأعباء بل تحيل الى المجتمع المحلي والبلديات ومؤسسات اخرى توفير ميزات للمعلمين مثل الخصومات والأقساط الميسرة وانشاء جمعيات استهلاكية مدعومة الخ.

ونعرف جميعا ان المعلم يضطر غالبا للبحث عن عمل إضافي الى جانب وظيفته واحد الأعمال هي الدروس الخصوصية اكان مباشرة او من خلال المراكز الخاصة وهو ما كانت تحاربه الوزارة وتضيق عليه وينبغي التفكير بحلول عملية تخدم مصلحة المعلم والطالب معا.

على الجانب المقابل هناك الاهتمام بمستوى المعلم وقدراته ولياقته في العملية التعليمية والحقيقة اننا نفتقر لأي معطيات عن "تقييم الأثر" للبرامج التي وضعت في هذا المجال ومنها اكاديمية التأهيل والتدريب وامتحانات التوظيف ولا نعرف اذا كان تغيير المناهج القائم اليوم يترافق مع برامج تمكين المعلم من هضم هذه التغييرات وأساليب التدريس التي تحتاجها.

استراتيجيا ينبغي التفكير في طريقة لربط الأداء بالحوافز، واذكر انه حين نشبت الأزمة مع نقابة المعلمين حول زيادة الرواتب اقترحت في اللجنة النيابية وضع المبلغ المقدر للزيادة على شكل نظام حوافز لكن كلا الطرفين النقابة والحكومة تجاهلا المقترح الذي يضع كل طرف امام مسؤولياته. رفع العوائد للمعلم مقابل رفع العوائد للتعليم. واعرف انها عملية شائكة للغاية في التطبيق العملي، لكن لا بدّ من طرقها ولو بنماذج تجريبية.