خطان متوازيان للسلام و الحرب بين روسيا و أوكرانيا ( كييف ) ،و جلسة جديدة للسلام بينهما عقدت في إسطنبول تحت رعاية تركية و أمريكية مباشرة في الثاني من حزيران 2025 ، أي بعد إسبوعين من جلسة السلام مؤخرا في نفس المكان بتاريخ 15 أيار،و تحت نفس الرعاية ، و بمشاركة نفس تشكيلة الوفدين المفاوضين الروسي برئاسة فلاديمير ميدينسكي مستشار الرئيس فلاديمير بوتين ، و الأوكراني الممثل للعاصمة ( كييف ) و نظامها السياسي برئاسة الرئيس المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي ، و مثله في المفاوضات الأخيرة في إسطنبول وزير دفاعه رستم عمروف . و مثل الجانب التركي الوسيط المباشر وزير الخارجية هاكان فيدان ، و رئيس الاستخبارات إبراهيم قالن ، ومظلة أمريكية مؤثرة على النظام الأوكراني و محترمة من قبل القيادة الروسية برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين يتقدمها الرئيس دونالد ترامب .و سبق عقد ثلاث جلسات للسلام في الأعوام ( 2015 / 2022 / و 2025 ) .

العتوم يكتب: الثاني من حزيران في إسطنبول.. الحرب كيف ستتوقف ؟
مدار الساعة ـ
و المعروف هو ، بأن الطريق إلى السلام الروسي- الأوكراني التقط إشارته الرئيس ترامب بعد جهد ملاحظ و مشكور للقيادة الروسية برئاسة الرئيس بوتين ، و مشاركة مستشاره يوري أوشاكوف ، و كيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمار ووزير خارجيته سيرجي لافروف عبر جلسات المملكة العربية السعودية عام 2025على مستوى الخارجية الروسية ، والأمريكية – ماركو روبيو، و مايك ولتز ،و ستيف ويتكوف ، و على مستوى الخبراء ( ميدينسكي و عمروف ، و عبر الزيارات المكوكية لمبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف و لقاءاته بالرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف في موسكو .
وتمكنت القيادة الروسية من تمرير المعلومات و الوثائق اللازمة و المفيدة الخاصة بالحرب الأوكرانية شيوعا للجانب الأمريكي و بنجاح، وهو الذي ساهم بإنشطار أمريكا سياسيا عن الاتحاد الأوروبي لصالح الموقف الروسي منها ، وهدد بإنقسام " الناتو " أيضا .
و روسيا الاتحادية منذ البداية راقبت مشهد توجه النظام الأوكراني في العاصمة " كييف " تجاه الغرب الأمريكي ، و صوب حلف " الناتو " تحديدا ، و التجذيف تجاه إدارة الظهر بالكامل لروسيا العمق الاستراتيجي وجارة التاريخ ، عبر الثورات البرتقالية ، و انقلاب " كييف " 2014 ،و الخيوط اللوجستية البريطانية لباريس جونسون ، و الأمريكية لجو بايدن ، و من خلال تنفيذ رغبات الغرب لافشال اتفاقية " مينسك عام 2015 " التي شارك الغرب فيها مثل ( المانيا و فرنسا ) إلى جانب روسيا و بيلاروسيا ، و مساهمة - بيترو باراشينكا- بالمماطلة في تنفيذها للوصول إلى سلام رغبت به روسيا و أوكرانيا و الغرب . و ما زاد الطين بلة ، هو قدوم الفنان الكوميدي الأوكراني الساخر فلاديمير زيلينسكي صاحب مسرحية " خادم الشعب ، ليصبح رئيسا لأوكرانيا عام 2019 ، و يحول مسرحيته لحرب خادمة للغرب ، استمرت بداية ثماني سنوات 2014 / 2022 وسط المكون الأوكراني و الروسي، و سقوط قتلى تجاوز عددهم 14 الفا و تشريد غيرهم بداية ، قابلتها روسيا – بوتين بتحريك صناديق الاقتراع في القرم و الدونباس ( لوغانسك و دونيتسك ) ، و في زاباروجا و خيرسون ، أفضت لنتيجة لصالح الانضمام لروسيا و رفض التعامل مع النظام الأوكراني المتطرف المحسوب على التيار البنديري المشابه، القادمة جذوره من أتون النازية الهتلرية وسط الحرب العالمية الثانية 1939 / 1945 ، و بعملية عسكرية خاصة إستباقية تحريرية دفاعية بتاريخ 24 شباط 2022 نجحت في تحرير خمسة أقاليم سابقة الذكر هنا .
بعد افشال اتفاقية " مينسك " التي ترفض روسيا العودة إلى نموذجها الذي سمح وقتها بوقف الحرب إلى جانب التفاوض ،وهو الذي أعطى مجالا للعاصمة " كييف " و الغرب كاملا حينها لكي تتزود بالسلاح ، وهو ما أفصحت عنه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل . و تكرار افشال حوار " أنقرة " عام 2022 بسبب تشاور " كييف " مع الغرب الأمريكي ، في عهد كان فيه جو بايدن ليس صديقا لروسيا ، إلى جانب تخوف الغرب من روسيا ، وهو هاجس يعود لعام 1949 عندما تقرر تأسيس حلف " الناتو " تحسبا من اجتياح روسيا لأوروبا ، وهو مجرد هاجس سرابي لا صحة له ، قوبل بتفكيك الاتحاد السوفيتي و حلف " وارسو " لذاتهما عام 1991 كمبادرة سلام مع الغرب . وفي عام 2000 عرضت روسيا – بوتين على أمريكا – كلينتون دخول " الناتو " لردم الحرب الباردة و سباق التسلح ، ولم تستجب أمريكا وقتها .
و يستمر هاجس الاتحاد الأوروبي و خاصة بولندا في الخوف من الاجتياح الروسي لهم ، و يحددون زمنا متوقعا لذلك عام 2030 ، وهو نوع من أنواع الفنتازيا ، و الهيستيريا ، و الغباء السياسي . ومن أجل ذلك يمارسون الدسيسة و المراوغة و بالتعاون مع نظام " كييف " لإعاقة جلسات السلام ما أمكن ، وعبر تزويده بالسلاح ، و التلويح بمده بصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي ، وهو الذي واجهته روسيا بإنذار المانيا بصدده قبل أيام ووضعها أمام خيارات مفتوحة خطرة لها . وروسيا محقة تماما بذلك . وما تم الاتفاق عليه في جلسة إسطنبول السابقة بتاريخ 15 مايو 2025 ، نفذ منه الجانبان الروسي و الأوكراني الغربي ما تعلق بتبادل ألف أسير من كل جانب . و رفعت روسيا شعار نابليون بونابارت " السلام تحت النار " ، ووقف الحرب حالة توقف الغرب عن تزويد " كييف " بالسلاح للوصول لسلام عادل دائم ، و التوقف عن تجنيد المواطنين الأوكران و القذف بهم إلى ميادين القتال . و سلمت روسيا الطرف الأوكراني المحارب 909 قتيل عسكريا في إشارة بأن الحرب ستبقى خاسرة لهم ،وهي التي بدأت من طرفهم .
في جولة السلام الجديدة في إسطنبول 2 حزيران 2025 تم تطوير الجلسة إلى مباشرة و انفرادية بين قائد كل فريق مفاوض ، ميدينسكي من الجانب الروسي و عمروف من الجانب الأوكراني الغربي . وسلمت روسيا مشروعها للسلام للجانب الأوكراني ، و سلم الجانب الأوكراني مشروعه المقابل للسلام للجانب الروسي لدراسته رغم تمريره قبل ذلك للطرف الامريكي المفاوض . ووافق الجانب المفاوض الروسي على تسليم الجانب الأوكراني 6000 قتيل عسكري ، و الاعلان عن جاهزية روسيا تسلم قتلاهم إن وجدو. و الاتفاق على تسلم الطرفين لكافة المعتقلين من صغار الشباب .
ولا زالت المعارك الضارية جارية في الميدان ، و الأصل أن لا تخرج من هناك لتستهدف المواطنين و المرافق المدنية من الطرفين المتحاربين. و جلسة حزيران تؤسس لجلسات سلام قادمة ، و لأجراء انتخابات رئاسية أوكرانية للوصول لمرحلة ايجاد قيادة أوكرانية رسمية قادرة على توقيع السلام المطلوب . و تفضي للقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين و الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عندما تكون ملفات السلام جاهزة ،و هو أمر غير قريب كما صرح دميتري بيسكوف الناطق الإعلامي بإسم قصر " الكرملين " الرئاسي مؤخرا.
سلام ضعيف أو معقول خير ألف مرة من حرب عدائية مدمرة لحياة الناس في روسيا و في أوكرانيا .و لتفادي الهجوم الأوكراني اللوجستي على المرافق الحيوية في العمق الروسي و جسر القرم ، الواجب تفعيل دور جهاز الأمن الروسي الداخلي و مراقبة الكاميرات بحيوية ، و تشديد الرقابة ومنها رقابة الحدود مدار الساعة . وفي مقابلة قناة " الشرق " السعودية معي مساء الثلاثاء 3 حزيران لاحظت انحيازها للطرف الأوكراني عبر تضخيم الهجوم الأوكراني الأخير إعلاميا على منطقتي القطب الشمالي و سيبيريا ، وحتى على جسر القرم للمرة الثالثة ، و الذي هو هجوم لوجستي من الداخل الروسي و ليس من داخل أوكرانيا و عن بعد الاف الكيلومترات كما يدعي الإعلام في " كييف " و في الغرب . و لا تأثير كبيرا للهجوم كما أعتقد على قوة الدولة الروسية العسكرية . الأولى في العالم على مستوى الترسانة النووية ، وفي البحرية و الفضاء . و روسيا في المقابل كما أكتب دائما ليست إسرائيل و لا تستهدف المواطنين الأوكران الأشقاء لهم ، و لا تستهدف النظام الأوكراني الذي تحاوره . ونعم لسلام دائم يعود بالخير على روسيا و على أوكرانيا معا ، و على الجانب الأوكراني أن يتذكر جيدا ، بأن دخولهم الاتحاد السوفيتي لا يشبه خروجهم منه محملين بالهدايا الروسية السيادية مثل ( القرم و الدونباس و أبعد) كما ألمح إلى ذلك الرئيس بوتين بنفسه . وعودة نظام " سويفت " الاقتصادي يشكل فائدة كبيرة لحركة الاقتصاد من داخل روسيا إلى دول الجوار و بالعكس ، وهو المطلوب استرداده الان. و روسيا حسب تصريح جديد لدميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ماضية إلى الأمام حتى اجتثاث التطرف النازي البنديري الأوكراني ،ولن تكتفي بتوقيع السلام العادل فقط .