في عالم تتزايد فيه المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، يظل الذهب ملاذًا آمناً للمستثمرين والحكومات على حد سواء. وفي هذا السياق، أعلنت الصين - العملاق العالمي في إنتاج الذهب - عن اكتشاف منجم جديد يضاف إلى سجلها الحافل بالمناجم الضخمة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيؤثر هذا الاكتشاف على الأسعار العالمية للذهب؟ الإجابة تتطلب فهمًا دقيقًا لآليات سوق الذهب المعقدة. فالصين بالفعل تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الذهب عالميًا بتعدينها حوالي 330 طنًا سنويًا، وتتركز مناجمها الرئيسية في مناطق مثل شاندونغ وشينجيانغ والتبت.
وعندما أعلنت الصين عن اكتشافها احتياطيات كبيرة في التبت عام 2021 تقدر بنحو 400 طن، لم تشهد الأسواق أي اضطراب يذكر. والسبب يعود إلى أن زيادة العرض في سوق الذهب لا تحدث بين عشية وضحاها، حيث يحتاج تشغيل المنجم الجديد إلى سنوات من التجهيز والاستثمار في البنية التحتية.
من ناحية أخرى، فإن الطلب الصيني القوي على الذهب، وخاصة من قبل البنك المركزي الذي أضاف 225 طنًا إلى احتياطياته في 2023، قد يمتص أي زيادة محتملة في المعروض. كما أن العوامل العالمية الكبرى مثل سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والأزمات الجيوسياسية تبقى لاعبًا رئيسيًا في تحديد اتجاهات أسعار الذهب، أكثر من أي اكتشاف منفرد.
في النهاية، ورغم أهمية أي اكتشاف جديد، يبقى الذهب سلعة استراتيجية تخضع لاعتبارات أكبر من مجرد العرض والطلب. فالحكومات وخاصة الصين قد تفضل الاحتفاظ بالذهب المكتشف كاحتياطي استراتيجي بدلاً من طرحه في الأسواق. لذلك، بينما يظل الخبر إيجابيًا من الناحية الاقتصادية، فإن تأثيره المباشر على المستثمر العادي قد يكون محدودًا في الأمد القريب.
