أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: قرار الأردن السيادي وسط الحروب


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: قرار الأردن السيادي وسط الحروب

مدار الساعة ـ
الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية ، دولة ذات سيادة ، ومنارة شامخة في صدارة العرب ، انتزعتها الثورة العربية الكبرى الهاشمية بالتفاوض مع بريطانيا عبر مراسلات مكماهون ، و توقيع المعاهدة الأردنية – البريطانية 1920 ، و عقد المجلس التشريعي الأردني عام 1946 ، و اصدار قرار استقلال الأردن على أساس النظام الملكي النيابي و مبايعة الملك عبد الله الأول المؤسس ، ملك الصحافة الإستقصائية . و بقدوم الملك طلال – ملك الدستور عام 1952 الأكثر عصرنة و حضارة وسط العرب . و الملك الحسين الباني 1953- 1999، الذي عرف العالم الأردن وسط خارطة العالم حينها من خلال إسم جلالته البارز طيب الله ثراه . و الملك عبد الله الثاني – الملك المعزز حفظه الله – الحفيد الحادي و الأربعون من سبط النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، المحافظ على استقرار الأردن و الحريص على مواصلة ازدهاره .
ولقد تمسك الأردن دائما بقراراته السيادية في الحرب و السلم . فالثورة العربية الكبرى المؤسسة للاردن قرارها سيادي ، فقد هدفت لتوحيد بلاد الشام و بناء دولة العرب بداية . وقرار الأردن المحافظة على الضفة الغربية وسط حرب عام 1948 بعد مهاجمة إسرائيل خمسة دول عربية سيادي ،أسس للمطالبة بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس . وقرار تعريب قيادة الجيش العربي الأردني عام 1956 أردني تقدمه الملك الحسين الراحل . و رفض الأردن لقرار حرب عام 1967 الخاسرة قرار سيادي وقف خلفه وصفي التل – كبير شهداء الوطن ، و مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال. و قرار النصر في حرب الكرامة عام 1968 قرار سيادي أردني صنعه جيشنا العربي – القوات المسلحة الأردنية الباسلة ، و بجهد ميداني مباشر للجنرال مشهو حديثة الجازي في عهد الملك الحسين الراحل . و قرار المساهمة في النصر العربي في حرب تشرين عام 1973 و تحرير مساحات واسعة من مدينة القنيطرة الجولانية - أردني شارك في صنعه الجنرال خالد هجوج المجالي و اللواء المدرع أربعون .
و قرار الأردن الوقوف إلى جانب العراق الشقيق في حربه مع إيران 1980 – 1988 ، سيادي أيضا تقدمه الملك الحسين الراحل . و قرار فك ارتباط الأردن مع الضفة الغربية عام 1988 أردني سيادي تماشى مع قمة العرب في الرباط عام 1974 ،و انصاع لقرار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني . و قرار نصح العراق ، و رفض اجتياحه للكويت الشقيق أردني تقدمه الملك الحسين عام 1990 . و قرار توقيع السلام مع إسرائيل سيادي أردني في عهد الملك الحسين الراحل عام 1994 إرتكز على السلامين الفلسطيني عام 1993 و المصري عام 1979 ، وهدف لتحصين الحدود الأردنية و الحقوق المائية ، و حرر من خلالها منطقتي ( الباقورة و الغمر ) بجهد و اصرار مباشر لجلالة الملك عبد الله الثاني عام 2019 . و قرار الأردن في تقديم السياسة على الأمن وسط الربيع العربي عام 2011 و بعد ذلك للمحافظة على استقراره ، قرار أردني سيادي حكيم قل نظيره ، و انفرد في المنطقة .
وعلى مستوى حروب منطقتنا العربية و الشرق أوسطية ، و حسب التسلسل الزمني ، فإن أكبرها هي " الأوكرانية " شيوعا ( 2014 – 2022 – 2025) ، و غزة ( 2023 – 2025 ) ، و الإسرائيلية – الإيرانية ( 2025 ) . و للأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله موقفا واضحا ، و هو قرار سيادي ، فالحرب الأوكرانية – الروسية و بالتعاون مع حلف " الناتو " ، أو بالعكس الروسية الدفاعية التحريرية مع العاصمة " كييف " في الاعوام 2022 وحتى الان 2025 ، ليست حربنا هنا في الأردن و المنطقة العربية ، لكن دور الأردن جاء مبكرا و انضم للجامعة العربية بهدف ترطيب الأجواء بين "موسكو و كييف " ،و التزام الحياد ، و حاور وزير خارجيتي روسيا سيرجي لافروف و غرب أوكرانيا دميترو كاليبا ،و هو الذي استبدله نظام " كييف " و بالتصويت عبر البرلمان ب أندريه سيبيها . و مساعدات عربية إنسانية للشعب الأوكراني من قبل مجلس التعاون الخليجي ، أو منفردة من قبل المملكة العربية السعودية ، و قطر ، الإمارات ، و قطر ، و سلطنة عمان . و دعوة أردنية لسلام روسي – أوكراني في الزمن الأمريكي الصعب عندما كان - جو بايدن - غير المتفهم للموقف الروسي رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي و بحجم وصل إلى 50 دولة . و لم تستطع في المقابل كل الوساطات العربية و الدولية الوصول لسلام روسي- أوكراني ، و مراهنة جديدة على أمريكا – دونالد ترامب 2025 بإنجاح الحوار الروسي – الأوكراني الغربي في إسطنبول 2025 ، و هو الحوار الذي استند على حوار 2016 في أنقرة العاصمة التركية ،وعلى حوار اتفاقية " مينسك 2015 " مع اختلاف اسلوب الحوار بين الماضي و الحاضر ، بحيث كان الحوار مع وقف اطلاق النار ، لكن " كييف " و عواصم الغرب استغلوه لتزويد نظام " كييف " بالمزيد من السلاح . و أصبح الان حوارا تحت النار ، و فيه تقليد روسي لسلوك انتهجه سابقا نابليون بونابارت في حربه الخاسرة مع روسيا عام 1812 .
وفي الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2023 ، و تحديدا بعد السابع من أكتوبر ، دعا جلالة الملك عبد الله الثاني لوقف اطلاق نار دائم من شأنه أن ينهي الحرب في غزة ، التي أثارها الهجوم غير المسبوق ، في السابع من أكتوبر .و قال جلالته وقتها ( إن جميع الهجمات ضد المدنيين الأبرياء و النساء و الأطفال ، بما في ذلك تلك التي وقعت في 7 أكتوبر ، لا يمكن أن يقبلها أي مسلم . و قول جلالته جاء بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وقتها بتاريخ 12 فبراير 2024 ( علينا مع الشركاء العرب و المجتمع الدولي ، تكثيف الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة و البدء فورا في العمل على خلق أفق سياسي يؤدي إلى سلام عادل و شامل على حدود ما قبل عام 1967 .و خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام مجلس الأمة بعمان بتاريخ 18 / 11 / 2024 جاء هاما و هادفا و معبرا بقول جلالته ( نحن دولة راسخة الهوية لا تغامر في مستقبلها ،و تحافظ على إرثها الهاشمي و انتمائها العربي و الإنساني، فمستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسة لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه ) . و بطبيعة الحال جاب جلالة الملك عبد الله الثاني دول الغرب موضحا الموقف العربي المطلوب لأنهاء الحرب في غزة ، و كان في مقدمة لقاءات جلالة الملك لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بحضور و لي العهد الحسين بن عبد الله الثاني ، مطالبا برفض تهجير سكان غزة و الاعلان عن استقبال الاردن 2000 طفل فلسطيني مريض محتاجون للعلاج ، وهو الأمر الذي استقبله الأردنيون و العرب بترحاب كبير . و في المقابل قابلت إسرائيل كافة المساعي العربية الداعية للسلام بالتعنت وممارسة استمرار الحرب على غزة ، و التمادي في قتل المواطنين الفلسطينيين و في مقدمتهم الاطفال وسط حرب إبادة معلنة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها منذ حرب النازية الألمانية بقيادة أودلف هتلر التي راح ضحيتها قرابة مائة ألف شهيد فلسطيني، و لازالت سارية المفعول مع طلوع كل صباح ، لدرجة أصبح فيها بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل هتلر جديد ،و يمارس و حزبه الليكود و إسرائيل الجريمة المنظمة من دون عقاب ، وهو واقع .
موقف الأردن من الحرب الإسرائيلية – الإيرانية واضح لالبس فيه ، تركز على إدانة إسرائيل و الدعوة لوقف مثل هكذا حرب عبثية اخترعتها إسرائيل ليس لضرب المنشأت النووية الإيرانية فقط ، و لكن لقلب نظام الحكم في طهران أيضا بسبب راديكاليته الدينية المتطرفة ، من دون الأخذ بعين الاعتبار بأن إسرائيل – كيان نازي متطرف ، وعدواني ، توسعي ، استيطاني .
و نعرف في ذات الوقت ، بأن الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الحالية لا علاقة لها بموضع غزة و لا بالقضية الفلسطينية ، لكن إسرائيل بسبب عدوانيتها المفرطة تحارب على عدة جبهات ، في غزة ، و جنوب لبنان ، و جنوب سوريا ، وفي اليمن ، و تتحرش بالاردن و مصر عبر موضوع اختراعها و أمريكا – ترامب لتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض و القضية العادلة ، و ترحيل اليهود من أقاصي الأرض إلى داخل فلسطين ، و هو مشروع توراتي – صهيوني قديم و مزور، جذوره ضاربة في عمق مؤتمر بازل الصهيوني الأول في سويسرا عام 1879 .
و قرار الأردن السيادي صلب في التعامل مع تراشق المسيرات و الصواريخ بين إسرائيل و إيران ، و هو مانع لعبور الأجواء الأردنية تحت أي ظرف . و بالمناسبة إسرائيل الماكرة لم تستخدم الفضاء الأردني في هجومها على إيران فاختارت الفضائين السوري و العراقي ، بينما لم تجد إيران مخرجا لحربها إلا من فوق الفضاء الاردني ، رغم قدرتها على مهاجمة إسرائيل من عمق البحر الأبيض المتوسط ، و تكرر إيران المشهد الذي كان في عام 2024 ، لكن الحرب التي تواجهها مع إسرائيل تضخمت . و يكرر الأردن رفضه لسلوكها المخترق لسيادته. و نظرا لاعتراف إسرائيل بعدوانها المتشعب على دول المنطقة العربية و على إيران صممت ملاجئا و أنفاقا تحت البنايات في كافة مساحة إسرائيل ، و السكان الإسرائيليون القادمون من الشتات ، و يتحدثون بعدة لغات يختبئون فيها و الرعب يرافقهم إلى هناك مدار الساعة .
تصريح جلالة الملك عبد الله الثاني بعد ترأسه بتاريخ 4 حزيران 2025 مجلس الأمن القومي الأردني بعمان بشأن الحرب الإسرائيلية – الإيرانية جاء حاسما و مدافعا بقوة عن سيادة الأردن ، حيث قال جلالته ( بأن الهجوم الإسرائيلي على إيران يخالف القانون الدولي ، و يشكل تعديا على سيادة إيران ، مؤكدا ذات الوقت موقف الأردن الثابت بأن الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع . وفي المقابل يمكننا القول هنا بأن المفاوضات الأمريكية – الإسرائيلية انعقدت في سلطنة عمان ست مرات ، و كان من الممكن أن تنعقد في المرة السابعة لولا التضليل الأمريكي ، و الإسرائيلي الذي رافق المفاوضات بعد اطلاع الجانب الأمريكي على جدية إيران في مجال التخصيب النووي ،و التشكيك بنواياها للوصول لمرحلة القنبلة النووية ، بينما هي راديكالية كارهه لإسرائيل . لذلك استبقت إسرائيل مرحلة السلام بتوجيه الضربة الأولى و على طريقة إذا وقع العراك أضرب أولا .
و خطاب هام و حكيم لجلالة الملك عبد الله الثاني في البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية الثلاثاء 17 حزيران الجاري دعا من خلاله لوقف الحرب في أوكرانيا ، و غزة ، و بين إسرائيل و إيران . و تساءل جلالته إلى أين هي الحرب الإسرائيلية – الإيرانية ذاهبة ، و كيف يعيش العالم الأنفلات خارج القانون الدولي و منظومة الاخلاقيات الدولية المطلوبة . وفي المقابل ، و الحديث هنا لي ، فلقد
تلقت إسرائيل ضربات إيرانية موجعة ستحولها إلى وضع يشبه غزة إذا ما استمرت الحرب إلى الأمام قبل أن تسيطر أمريكا عليها و تلجم صهيلها عبر جلسات جديدة لستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجية إيران عباس عراقجي . دعونا نراقب المشهد عن قرب ، ونحن في الأردن الأقرب إليه ، ولنا إطلاله ، و ندعو معكم لسلام وسط الحروب كافة و في مقدمتها في أوكرانيا ، و في غزة ، و بين إسرائيل و إيران . ونعم لسلام يعم العالم و يعود بالخير على المجتمع الدولي ، و ليتحول السلام إلى تنمية شاملة خادمة للبشرية جمعاء .
مدار الساعة ـ
story