أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

نصير تكتب: دمعة الأم الأردنية.. أول سطر في امتحان الوطن


د. ناديا محمد نصير

نصير تكتب: دمعة الأم الأردنية.. أول سطر في امتحان الوطن

مدار الساعة ـ

في صباحٍ يملؤه التوتر والدعاء، وقفت أم أردنية على باب المدرسة، تمسح جبين ابنها، وتُصلح كمّ قميصه، وتبتسم له ابتسامة تحمل كل معاني الدعم، رغم أن قلبها يرجف من الداخل.

يوم أمس، بدأت امتحانات التوجيهي في الأردن، لا كحدث دراسي فقط، بل كموسم وطني... موسم يحمل معه القلق والتأمل، الخوف والأمل، البكاء والدعاء، ووجع الأمومة الذي لا يُرى في الصور.
فها هي أم تُودّع ابنها صباحًا، تهمس له بدعوة من القلب:
"الله يفتحها بوجهك يا ماما، ويكتبلَك النجاح من أوسع أبوابه."
ورغم أنها تقف ثابتة أمامه، إلّا أن في داخلها عالمًا كاملًا من المشاعر: تتذكّر كيف كان صغيرًا، لا يعرف كيف يربط شريط حذائه،
وها هو اليوم يدخل إلى قاعة الامتحان، بخطى ثابتة، ليكتب أول سطر من مستقبله.
فالتوجيهي في الأردن... أكثر من مجرد امتحان: في بيوتنا الأردنية، التوجيهي ليس فقط مرحلة دراسية، بل عبور عاطفي واجتماعي وثقافي.
هو محطّة تتجمّع عندها أحلام الأسر، وضغط المقارنات، وتراكم التوقعات.
تُهيّئ العائلة كلها نفسها لهذا الموسم فتنخفض أصوات الضحك، تُغلق الشاشات، ويتحوّل البيت إلى قاعة انتظار كبرى لنتيجة قادمة.
ولكن، وسط كل هذا، يبقى المشهد الأكثر حضورًا: مشهد الأم.
الأم الأردنية التي تسهر، وتدعو، وتدعم، وتخفي قلقها بابتسامة.
التي تحضر له فطوره، وتراجع معه دروسه، وتقرأ وجهه لتفهم حالته النفسية دون أن ينطق.
هي التي تُصاب بالأرق أكثر منه، وتبكي سرًّا من تعبه، وتُصلي ليُحقق أحلامه، وإن كانت على حساب صحتها النفسية.
نصائح نفسية للأهل: كي تكونوا سندًا لا عبئًا
1. خففوا التوقعات: لا تُحمّلوا أبناءكم أوزان أحلامكم المؤجلة، فالتوجيهي ليس مقياسًا للنجاح بالحياة.
2. ابتعدوا عن المقارنات: لا تُقارنوه بابن الجيران أو بنت الخالة... فلكل زهرة توقيت مختلف للإزهار.
3. ادعموهم عاطفيًا: اسألوا كيف يشعرون، لا فقط كم درسوا. حضن دافئ في هذه المرحلة قد يفوق قيمة عشر ساعات دراسة.
4. راقبوا إشارات التعب: الأرق، فقدان الشهية، نوبات البكاء أو الانعزال.. كلها مؤشرات تستحق الإنصات والدعم لا الضغط.
5. كونوا نموذجًا للهدوء: إذا شعر الطالب أن أهله متوترون، تضاعف قلقه، فاجعلوا البيت بيئة راحة لا تهديد.
اما أحبتي الطلبة فنصيحتي لهم: اطمئنوا... الحياة لا تختصر في ورقة امتحان
1. أنتم أكثر من علامة:
مستقبلكم لا يُقاس فقط بنسبة مئوية، بل بالمهارات، والشغف، والقدرة على النهوض بعد كل تجربة.
2. نظّموا وقتكم دون جلد الذات:
لا تدرسوا لساعات طويلة متواصلة بلا راحة. الدماغ يحتاج لهدوء ليستوعب لا لإرهاقٍ يُعطّله.
3. لا تخافوا من الخطأ:
الامتحان ليس فخًا، بل فرصة لتُظهروا ما تعلمتموه… وإذا أخطأتم، فالحياة مليئة بالفرص التالية.
4. تذكروا أنكم محبوبون مهما كانت النتيجة:
عائلاتكم، وأحبابكم، يحبونكم لذاتكم، لا لمعدلاتكم.
5. ادعوا لأنفسكم، واستعينوا بالله:
"رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي."
دعاء موسى – مفتاح هدوء في أصعب لحظاتكم.
في الختام...
إلى كل أم أردنية تقف اليوم على باب مدرسة ودمعتها معلّقة في رمشها…
إلى كل بيت أردني يعيش هذا الموسم كعاصفة تنتظر أن تمر بسلام…
طمئنوا أبناءكم،شدّوا على أيديهم،وذكّروهم: أنتم فخورون بهم، قبل النتيجة وبعدها.
ففي النهاية...
النجاح الحقيقي ليس في اجتياز امتحان ورقي،بل في عبور هذه المرحلة بأقل ضرر نفسي وبقلب مطمئن.
قولوا لأولادكم إنكم فخورون بهم قبل العلامة وبعدها،قولوا لهم إنهم قادرون، وإن هذه مجرد بداية لحياة واسعة تنتظرهم.
ارفعوا رؤوسكم، شدّوا على أيديهم،وامسحوا على قلوبهم بالكلمة الطيبة والدعاء النظيف،
فهم لا يحتاجون منكم توترًاً بل إيمانًا.
أما أنتم يا طلاب الأردن،
فاذهبوا إلى امتحاناتكم وأنتم موقنون أن مستقبلكم لا تصنعه ورقة واحدة، بل يصنعه إصراركم، اجتهادكم، أخلاقكم، ونظرتكم لأنفسكم.
اكتبوا اليوم مستقبلًا يليق بكم،
ودعوا أصواتكم في القاعات تعانق أصوات أمهاتكم عند الباب: "أنا قدّها... وسأنجح، لا لأرضيهم فقط، بل لأصنع ما أستحق."
فأنتم أبناء هذا الوطن صُنّاع فجره، وفرسان قلمه، وأنتم الجيل الذي سيحمل اسمه عاليًا في كل محفل. اليوم تبدأون، وغدًا تكتبون تاريخًا يُروى بفخر على كل لسان.
مدار الساعة ـ
story