في وقتٍ يتخبط فيه العالم بين صراعات متسارعة وغيابٍ للعدالة، جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني، في البرلمان الأوروبي، صوتًا عاقلًا يُنادي بالحلول السياسية، ويدعو لإحياء القيم الإنسانية التي تحفظ كرامة الإنسان وأمنه.
جلالته لم يصف الواقع فقط، بل حذّر مما وصفه "موجات بلا توافق"، تُشعل النزاعات دون وعي بالعواقب، وتعيد إنتاج الكراهية والتطرف، واستلهم من التجربة الأوروبية مثالًا على تجاوز المآسي بالتعاون، لا بالهيمنة والانتقام.
فلسطين كانت في صُلب خطابه، حيث أكد حقهم في الحياة والسيادة، محذرًا من كارثية استمرار الاحتلال والتصعيد العسكري، وخصوصًا في ظل التوتر المتفاقم بين إسرائيل وإيران.
فالتصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران، والذي بات يأخذ منحى أكثر حدة، يهدد بجرّ المنطقة والعالم إلى صراع واسع غير محسوب العواقب، فالقصف المتبادل، والهجمات المتصاعدة، والتهديدات العسكرية، تنذر بانفجار قد لا يُبقي ولا يذر، خاصة إذا انزلقت دول أخرى إلى ساحة المواجهة، أو تحوّل هذا التوتر إلى حرب مفتوحة.
تداعيات مثل هذا الصراع لن تقتصر على الإقليم وحده، بل ستمتد إلى الأسواق العالمية، وأمن الطاقة، وممرات الملاحة، وستزيد من استقطاب القوى الكبرى، مما يعمّق حالة الاستقطاب الجيوسياسي المتسارع.
لذا، جاءت رسالة جلالة الملك واضحة وحكيمة: لا مخرج من الفوضى إلا عبر العدالة والسلام، لا بالقوة، بل بالحكمة، ولا بالمصالح الضيقة، بل بروح المسؤولية الدولية، التي تضع الإنسان قبل الحسابات، وتُغلّب منطق العقل على جنون السلاح.
اللهم احفظ جلالة الملك عبدالله الثاني، وبارك في خُطاه ومسعاه، لما فيه خير للوطن والأمة وللعالم، واجعل كلمته نورًا، وخُطاه سلامًا، وعزًّا وعدلًا، على صعيد الإقليم والعالم أجمع.