أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات خليجيات دين مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الشياب يكتب: الاستشراف الاستراتيجي في الإدارة: ضرورة حتمية لنهضة قطاع الطاقة في الأردن


الدكتور المهندس عطا الشياب

الشياب يكتب: الاستشراف الاستراتيجي في الإدارة: ضرورة حتمية لنهضة قطاع الطاقة في الأردن

مدار الساعة ـ
في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، لم يعد التخطيط التقليدي كافيًا لمواجهة التحديات المعقدة والمتشابكة التي تعصف بالقطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع الطاقة. من هنا، يبرز الاستشراف الاستراتيجي كأداة محورية لإعادة رسم مستقبل الإدارة، لا بوصفه ترفًا فكريًا، بل كضرورة إدارية ملحة لم تعد تحتمل التأجيل.
الاستشراف الاستراتيجي، بما يحمله من أدوات تحليلية وتقنية، يُمكّن صانع القرار من قراءة الاتجاهات الناشئة، واستباق المخاطر، وتحديد الفرص الكامنة قبل أن تفرض نفسها على أرض الواقع. لقد أصبحت التكنولوجيا هنا العمود الفقري لهذا النهج؛ فبفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، والنمذجة التنبؤية، وتحليل البيانات الضخمة، بات من الممكن اليوم محاكاة سيناريوهات متعددة، واختيار المسار الأكثر كفاءة واستدامة.
ولا يبرز هذا الدور الاستراتيجي بوضوح أكثر مما يبرزه في قطاع الطاقة، خصوصًا في الأردن، حيث تواجه البلاد تحديات متزايدة تتعلق بتأمين مصادر مستقرة ونظيفة للطاقة. إن الاعتماد العالي على الاستيراد، وتقلبات أسعار الطاقة العالمية، والتوسع العمراني والصناعي المستمر، كلها عوامل تجعل من الاستشراف أداة لا غنى عنها لتأمين أمن الطاقة الوطني.
وفي خضم منطقة جيوسياسية ملتهبة، حيث تتقاطع المصالح وتتسارع الأزمات، يصبح الأمن الطاقي أحد أبرز مكونات السيادة الوطنية وأدوات الصمود الاستراتيجي. فالأردن، المحاط ببيئات غير مستقرة سياسيًا وأمنيًا، لا يملك رفاهية التأخر في إدارة ملف الطاقة بمنهجية استشرافية. إن إدارة الأزمات في هذا السياق لا يمكن أن تُبنى على ردود الأفعال، بل على جاهزية مسبقة، وخطط طارئة قابلة للتنفيذ، ورؤية تستند إلى توقع ما قد يحدث بدلًا من انتظار حدوثه. وفي ظل التقلبات الإقليمية والعالمية، يجب أن يتحول التفكير في الطاقة من مجرد إدارة موارد إلى بناء قدرة وطنية شاملة على الصمود والمناورة. فالأمن الطاقي في الأردن لم يعد مسألة فنية فقط، بل قضية استراتيجية تمس جوهر الأمن القومي، وتفرض علينا التحرك العاجل نحو منظومة متكاملة من الاستشراف والتنبؤ وإدارة المخاطر.
فلا صناعة تقوم دون طاقة، ولا تجارة تنمو دون طاقة، ولا نقل يتطور دون طاقة. هي الركيزة التي تستند إليها عجلة التنمية بأكملها. وإن غابت عنها الرؤية الاستشرافية، تاهت السياسات بين ردود الأفعال العاجلة وحلول الأزمات اللحظية، دون معالجة جذرية للمشكلة.
إن دمج الاستشراف الاستراتيجي ضمن آليات التخطيط في قطاع الطاقة الأردني، سيمكننا من التحول من حالة التلقي السلبي للتحديات، إلى حالة الفعل الواعي والمبادرة الذكية. بل إن هذا التوجه يمثل أحد أبرز متطلبات الأمن الوطني الاقتصادي، الذي لا يستقيم دون أمن طاقي مستدام.
إننا أمام مفترق طرق؛ إما أن نستمر في إدارة شؤون الطاقة بأدوات الأمس، أو أن نرتقي إلى مستوى التحدي، ونتبنى الاستشراف كأداة للتخطيط المستقبلي، ترسم للأردن طريقًا أكثر استقرارًا وأمانًا في قطاع الطاقة، وبالتالي في مجمل أركان الاقتصاد .
مدار الساعة ـ
story