div>
تنتشر خلال السنوات الأخيرة ظاهرة الإستغلال الوظيفي والصلاحيات والتي تعد من أكبر المشكلات الإدارية والأخلاقية الخطيرة التي تواجه المؤسسات سواء في القطاع العام أو الخاص وعلى أعلى المستويات حيث تؤدي إلى ظلم كثير من الكفاءات بتوقيع بسيط من صاحب القرار.
ويعَرف الإستغلال الوظيفي والصلاحيات بأنه إستخدام الموظف أو المسؤول لموقعه الوظيفي أو للصلاحيات الممنوحة له لتحقيق مكاسب شخصية أو مصالح غير مشروعة، أو لتحقيق مصالح لفئة معينة على حساب المصلحة العامة أو مصلحة المؤسسة.
حين يُمارًس الإستغلال الوظيفي والصلاحيات من قبل صاحب القرار يؤدي إلى ظلم الكفاءات، وغالباً لا يحتاج الأمر إلا إلى توقيع بسيط ليستبعد كفاءة، أو تعيين غير المؤهل، أو توجيه الموارد لمن لا يستحق، فيستخدم صاحب القرار صلاحياته الإدارية (التعيين، الترقية، النقل، التكليف، الإعفاء) بشكل غير عادل،ويقوم بإقصاء أو تعطيل الكفاءات الحقيقية لصالح أشخاص أقل كفاءة بدافع المحسوبية أو المصالح الشخصية وعليه تُحرم الكفاءات من الفرص المستحقة، مما يؤدي إلى إحباطهم وربما هجرتهم إلى أماكن أخرى ،وبتوقيع أو قرار إداري بسيط قد يُنهي مسيرة موظف متميز دون مبرر موضوعي.
وهناك أمثلة على مظاهر هذا الظلم مثل ترقية موظف دون وجه حق على حساب موظف أكفأ،ونقل موظف ناجح إلى موقع هامشي لإرضاء طرف آخر،ومنح مشاريع أو مهام لموظف مقرب على حساب صاحب الخبرة، وتعطيل مبادرات الموظفين المبدعين أو سرقة جهودهم، وتوزيع تمويل ودعم لجهات معينة دون غيرها ، كما يمكن أن يقوم المسئول بمنح التسهيلات والخدمات بشكل انتقائي وغير قانوني أو يمس المصلحة العامة ،أو إساءة استخدام المعلومات السرية لتحقيق منافع خاصة أو استغلال الموارد العامة (سيارات،اجهزة أموال، مراجعين،.....الخ ) لصالح أشخاص معينين أو أغراض خاصة أو تعطيل وتسهيل معاملات لفئة معينة مقابل فائدة مالية أو منفعة شخصية ،كل ذلك بات من الإحباطات والمعيقات لسير التقدم والإستدامة لأي قطاع .
ومن أهم أسباب انتشار مثل هذة الظاهرة ضعف الرقابة الداخلية والخارجية،وغياب أو ضعف القيم الأخلاقية والمهنية،وغموض أو توسع الصلاحيات الممنوحة دون ضوابط واضحة،وقصور في تطبيق العقوبات والجزاءات الرادعة ، وضعف الشفافية في الإجراءات والمعاملات والأهم من ذلك كله إنتشار ثقافة المحسوبية والفساد.
بمرور الوقت يترتب على ذلك فقدان المؤسسة للكفاءات وتمثيل شخصيات غير كفوءة للبلد في مواقع هامة ومفصلية ،وانتشار الإحباط وضعف الولاء الوظيفي، عدا عن تراجع الإنتاجية والجودة في العمل،وتعزيز ثقافة المجاملة والفساد بدلاً من ثقافة الكفاءة، وفقدان ثقة العاملين والجمهور في المؤسسة،وتدهور بيئة العمل وزيادة الشعور بالظلم،وهدر المال العام والموارد،وإضعاف الأداء المؤسسي وكفاءة تقديم الخدمات،وتعزيز الفساد الإداري والمالي.
عالمياً يتم وضع ضوابط واضحة لإستخدام الصلاحيات وفق معايير موضوعية،بإلزام أصحاب القرار بتوثيق مبررات قراراتهم المهمة وإخضاعها للمراجعة،وتفعيل أدوات التظلم والطعون الإدارية لحماية الموظفين المتضررين، وترسيخ الشفافية وثقافة النزاهة في بيئة العمل،ووضع أنظمة ولوائح واضحة ومحددة للصلاحيات،وتعزيز الشفافية في الإجراءات والمعاملات،وتفعيل أجهزة الرقابة والتدقيق الداخلي،ونشر ثقافة النزاهة والإلتزام الوظيفي،وفرض عقوبات صارمة على كل من يثبت تورطه في الإستغلال مع ضرورة تدريب الموظفين على أخلاقيات المهنة والعمل المؤسسي.