div>
الحوكمة وفعالية إدارة المخاطر تشكلان مسار مهما لتطوير وإصلاح القطاع العام فعندما يدرّان بشكل جيد، فهذا يخلق الظروف لتحسين الخِدْمَات العامة، وزيادة المساءلة، والنمو المستدام، لكن عندما تتعثر الحوكمة وتبقى المخاطر دون رِقابة، تتعطل الإصلاحات وتتآكل الثقة في القطاع العام.فالحوكمة في القطاع العام معنية بكيفية اتخاذ القرارات، وكيفية ممارسة السلطة، وكيفية تخصيص الموارد. فالحوكمة القوية تضمن الشفافية والمساءلة والمشاركة فهي تحدد القواعد الإدارية بحيث يتصرف المسؤولون والموظفين لخدمة المصلحة العامة بدلًا من المكاسب الشخصية أو السياسية لهذا هي الأساس و ضرورة في الإصلاح، التي غالبًا ما تتطلب تغيير الممارسات والتغلب على المقاومة.بالمقابل إدارة المخاطر تضيف صفة عملية إلى الحوكمة تتضمن تحديد التهديدات المحتملة—المالية، التشغيلية، السمعة—ووضع الأنظمة اللازمة للتخفيف منها و تأتي المخاطر في القطاع العام، من العجز في الميزانية، الفساد، فشل السياسات، أو الصدمات الخارجية مثل الانهيار الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية. لذا تساعد إدارة المخاطر الفعالة المؤسسات العامة على توقع المشاكل قبل أن تتفاقم، مما يسمح للإصلاحات بالتقدم مع عدد أقل من الانتكاسات. مخاطر القطاع العام متنوعة: سوء الإدارة المالية، التدخل السياسي، الفساد، فشل تنفيذ السياسات، والصدمات الخارجية مثل الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية نظام إدارة المخاطر القوي يتوقع هذه التحديات ويضع نظام لحماية أجندات الإصلاح.
عندا يتم العمل بلحوكمة وإدارة المخاطر جنبا إلى جنب نجدا ن القطاع العام اصبح أكثر مرونة. على سبيل المثال، يتطلب الإصلاح الذي يهدف إلى تحسين تقديم الرعاية الصحية عمليات شراء شفافة، ومساءلة واضحة عن الأداء، وخطط طوارئ لتعطل سلسلة التوريد ودونها يمكن أن تتعطل الإصلاحات بسبب الاحتيال أو سوء الإدارة أو الأزمات غير المتوقعة.اأضف إلى ذلك فإن الحوكمة الجيدة وإدارة المخاطر تبني ثقة مابين متلقي الخدمة والمؤسسات. ونجد أن المواطن أصبح شريك في الإصلاحات فعندما يرى أن المؤسسات أصبحت منفتحة بشأن التحديات وتبادر إلى معالجة المخاطر، هذه الثقة ضرورية لأن الإصلاحات غالبًا ما تتطلب اتخاذ قرارات صعبة، مثل إعادة تخصيص الموارد أو تغيير نموذجات تقديم الخِدْمَات.
ضعف او غياب الحوكمة يؤدي إلى الفساد وعدم الكفاءة، مما يزيد من المخاطر ويقوض جهود الإصلاح. إذا كانت القواعد القانونية والفنية غير واضحة أو غير مطبقة، فقد يتصرف المسؤولون دون ضوابط مناسبة للمخاطر وفقًا لمصالحهم الشخصية، مما يؤدي إلى عرقلة التغييرات أو هدر الموارد التي تهدد مواقعهم و يمكن أن تتحول المشاكل غير المتوقعة إلى أزمات تعرقل التقدم. في جوهرها، تتضمن الحوكمة في القطاع العام القواعد والعمليات والسلوكيات التي توجه كيفية عمل المؤسسات العامة وخدمة المواطنين. الحوكمة الجيدة تؤكد على الشفافية والمساءلة والشمولية وسيادة القانون. تضمن هذه المبادئ استخدام الموارد العامة بشكل مسؤول، واتخاذ القرارات بشكل عادل، ووجود صوت للمواطنين في تشكيل السياسات التي تؤثر على حياتهم.
باختصار، الحوكمة وإدارة المخاطر هما العمود الفقري لتطوير وإصلاح القطاع العام. بهم تهيئ ظروف لجذور التغيير الإيجابي أنت تجذر وتزدهر. فصانعو السياسات الذين يعطون الأولوية لتعزيز هذه المجالات لديهم فرصة أفضل لتحقيق الإصلاحات التي تحسن الحياة، وتعزز المرونة، وتبني قطاعًا عامًا أقوى وأكثر استجابة وتحسين الكفاءة والمساءلة وتقديم الخِدْمَات. في رواندا مثلا أعطت الحكومة الأولوية لإصلاحات الحوكمة الرشيدة، بما في ذلك تدابير مكافحة الفساد، واللامركزية، وإعداد الميزانية بشفافية. في الوقت نفسه، طورت ممارسات قوية لإدارة المخاطر لحماية المكاسب ألهشه من عدم الاستقرار السياسي والصدمات الاقتصادية. هذا النهج المشترك قد حول القطاع العام في رواندا، أدى إلى تحسينات في الصحة والتعليم والبنية التحتية وجذب الاستثمارات الأجنبية.في حالة أخرى، قللت البرازيل من مخاطر الفساد وعززت الكفاءة في العقود الحكومية بإصلاح نظام المشتريات العامة أهمية الحوكمة وضوابط المخاطر. ب تنفيذ إجراءات تقديم العروض الشفافة والمراقبة في الوقت الفعلي، . لم توفر هذه الإصلاحات الأموال العامة فحسب، بل حسنت أيضًا نتائج تقديم الخِدْمَات.
لا يحدث تطوير القطاع العام وإصلاحه من فراغ فهي تتطلب أساسًا راسخًا من الحوكمة الرشيدة ونهجًا يقظًا لإدارة المخاطر. وهذه العناصر مجتمعةً تمكّن الحكومات من التغلب على التعقيدات ومقاومة الفساد وتحقيق تحسينات ملموسة في الخِدْمَات العامة. والبلدان التي تستثمر في هذه المجالات تهيئ نفسها للاستجابة بفعالية للتحديات الداخلية والصدمات الخارجية على حد سواء، مما يعزز في نهاية المطاف التنمية المستدامة والمؤسسات الأقوى بإضفاء الطابع المؤسسي على الشفافية باعتماد سياسات البيانات المفتوحة وضمان سهولة الوصول المواطن إلى المعلومات المتعلقة بالميزانيات والنفقات وعمليات صنع القرار فالشفافية رادع للفساد وتبني ثقة المواطنين. تمكين مؤسسات التدقيق المستقلة، وهيئات مكافحة الفساد، والرقابة القضائية للمحاسبة لسوء السلوك تعزز النزاهة.تبدأ إصلاحات القطاع العام بتقييم شامل للمخاطر، وتحديد التهديدات السياسية والمالية والتشغيلية المحتملة. ويتيح هذا الاستشراف استراتيجيات استباقية لتخفيف المخاطر.إن إشراك المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في تصميم السياسات ومراقبتها يزيد من المشاركة ويساعد على تحديد المخاطر من وجهات نظر متنوعة.توفير التدريب المعارف لتطوير مهارات موظفين قطاع العام في تحديد المخاطر وتحليلها والاستجابة لها لأدوات الرقمية تعزيز الشفافية وتتبع المخاطر في الوقت الحقيقي وأتمته عمليات التحقق من الامتثال.
إن الإصلاح رحلة صعبة، ولكن مع عمل الحوكمة وإدارة المخاطر جنبًا إلى جنب، يصبح الإصلاح مسارًا أقل مفاجآت و أكثر ديمومة.