الحروب الكبيرة المعاصرة التي أقصدها هنا ، هي " الأوكرانية " شيوعا ، و غزة ، و الإسرائيلية – الأمريكية مع إيران . و الحرب الأوكرانية – الروسية كما هو معروف ، بدأت من طرف العاصمة " كييف " و نظامها السياسي ، و قادها بيترو بارشينكا ، و فلاديمير زيلينسكي ، و التيار البنديري المتطرف بالتعاون مع الغرب في زمن بريطانيا ( المملكة المتحدة ) – بوريس جونسون ، و أمريكا – ( الولايات المتحدة الأمريكية ) – جو بايدن ، من وسط الثورة البرتقالية و انقلاب " كييف " 2014 ، بهدف سلخ أوكرانيا عن الجسم السوفيتي السابق التي انفكت عنه أوكرانيا طوعا عام 1991 ، و الحاقها بالغرب ، و تقريب حلف " الناتو " المعادي لروسيا و للتجمع السوفيتي السابق منها ، قابلته روسيا – بوتين بداية بتحريك اتفاقية " مينسك 2015 ووقف الحرب ، و اشراك بيلاروسيا ، و فرنسا ، و المانيا ، لضبط الحرب الأوكرانية الداخلية التي استهدفت المكون الأوكراني و الروسي الديمغرافي في شرق و جنوب أوكرانيا لضم مناطقهم للعاصمة " كييف " قسرا ، وهو الذي رفضه سكان الشرق و الجنوب في أوكرانيا ، و تمكنت روسيا في المقابل ، و هي المعنية مباشرة بالصراع الذي كان دائرا حينها بحكم الجوار و التاريخ المشترك بضبطه ، فحركت بنجاح صناديق الاقتراع في اقاليم " القرم ، و الدونباس – ( لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) ، وجاءت النتيجة لصالح الانضمام لروسيا علنا . و أصبح صعبا بعد ذلك أن تتراجع روسيا إلى الخلف و تضع سكان الاقاليم في وضع خطير من جديد .

العتوم يكتب: مواقف الملك وبوتين من الحروب 'حكيمة'
مدار الساعة ـ
وبتاريخ 24 شباط 2022 حركت موسكو عمليتها العسكرية الخاصة الدفاعية ، التحريرية ، الإستباقية ،و تمكنت من تحرير كافة الاقاليم سابقة الذكر ، و المشروع التحريري الروسي ساري المفعول في ظل دعوتها للسلام تحت النار ما لم يتم الوصول لنتيجة نهائية تنهي الحرب و ترفع راية السلام العادل الذي تنشده موسكو المنتصرة ، و تريده معقولا للجانب الأوكراني الغربي الخاسر . فظهرب جلسات " أنقرة " عام 2022 ، و " إسطنبول " 2025 لتضع النقاط على الحروف الخاصة باسدال الستارة عن الحرب بالكامل .
وفي المقابل جاء الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني " حفظه الله ،و بالتعاون مع الجامعة العربية محايدا ، و داعيا للسلام العادل الذي يقبل به الطرفان المتحاربان الروسي و الأوكراني . و تحركت الخارجية الأردنية التي تقدمها الوزير أيمن الصفدي ،و بالتعاون مع وزراء الخارجية العرب لمحاورة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف ، ووزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا بداية ، و الذي غيرت شخصه " كييف " ليعمل مكانه أندري سيبيها لاحقا . وما أحبط كل الجهود الدولية للوصول لسلام روسي – أوكراني نهائي الغرب الأمريكي بقيادة جو بايدن سابقا . وحاليا أصبحت فرصة السلام الروسي – الأوكراني ممكنا بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الحالي 2025 ،و يبقى المعيق الرئيس للسلام هذا هو الاتحاد الأوروبي للأسف ، وهو الراغب وبصفته الداعم للحرب و ليس للسلام أن يخرج منتصرا ، و العاصمة " كييف " ، وهو الذي لن يحصل .
و شخصيا ، كأردني ، و عربي ، أصدرت كتابا عام 2022 وسط كتبي المتخصصة في شأن السياسة الروسية و الدولية ، بعنوان " مشهد من الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي – الروسية الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة 24 شباط 2022 . وهو الكتاب الذي كتب تقدمته دولة السيد طاهر المصري مشكورا – شافاه الله - ، و حظي بشكر صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم – أعطاه الله العافية .
وحرب قطاع غزة ، هي تراكمية مع إسرائيل بعد إنسحابها منه عام 2005 ، بحجم تسع هجمات ( 2006 / 2007 / 2008 / 2012 / 2014 / 2019 / 2021 / 2022 / 2023 ) ، ولم تقتصر للتحجج بالسابع من أكتوبر و الذي صممته حركة حماس ، و حزب الله ، و إيران على مستوى قيادي ، و ضخمته إسرائيل ، وهو الذي تسبب في مقتل أكثر من ألف عسكري و مستوطن إسرائيلي ، وكان من الممكن أن يتخصص بإعتقال إسرائيليين عسكريين فقط ، و بشكل مؤقت ، لمبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين وتعدادهم بالالاف . و قابلته إسرائيل بإرتكاب جريمة حرب إبادة لازالت مستمرة أمام أعين المجتمع الدولي ، راح ضحيتها علنا أكثر من خمسين ألف شهيد ، جلهم من الأطفال ، و النساء ، و الشيوخ . و تم تصفية أعدادا كبيرة من قادة المقاومة العربية بسبب توسع دائرة الحرب .
جلالة الملك عبد الله الثاني جاب العالم ، و اعتلى جلالته منصة الأمم المتحدة متحدثا بضرورة وقف الحرب في غزة ، و أدان حرب الإبادة الإسرائيلية فيها، و رفض جلالته التهجير ، و قالها علنا وسط البيت الأبيض بحضور سمو ولي العهد الحسين ، و بشجاعة أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، و ترك جلالته موضوع البت في مصير قطاع غزة لبحثه مع الجانب العربي . و لم تتمكن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك من فرض التهجير القسري على الفلسطينيين أصحاب الأرض و القضية العادلة رغم استمرار إسرائيل في ارتكاب مجزرتها البشعة بحق الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة .
و يسجل للأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني تقديم مساعدات إنسانية مستمرة للأشقاء الفلسطينيين ،و فتح مستشفيات عسكرية ميدانية ، و خدمات إنسانية أخرى متفرقة . و شارك جلالة الملك عبد الله الثاني بنفسه بتقديم المساعدات الإنسانية هذه عبر صعوده على متن طائرة شحن عسكرية أردنية تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني ، و هي خطوة ملكية و أردنية شجاعة قل نظيرها على مستوى المنطقة و العالم . وخطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام مجلس الأمة بعمان بتاريخ 18 /11/ 2024 في المقابل ، جاء حكيما و معبرا ،و أعطى معاني بعيدة المدى ، حيث قال جلالته حينها ( نحن دولة راسخة الهوية لا تغامر في مستقبلها ، و تحافظ على إرثها الهاشمي و انتمائها العربي و الإنساني ، فمستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسة لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه )
بنيامين نتنياهو – ثعلب الشرق و مجرم الحرب ، و ليكوده ، و موساده ، هم من قرروا الحرب على إيران بتاريخ 13 حزيران 2025 ، وهم من أقنعوا الولايات المتحدة الأمريكية ، و الرئيس دونالد ترامب بدخول الحرب الإسرائيلية الجديدة بتاريخ 22 حزيران و الخروج منها بسرعة ، رغم عدم قناعة أمريكا و ترامب سابقا بها ، و قبل مدة زمنية وجيزة . وهم من فضلوا المضاوضات على الحرب ، و بطبيعة الحال سارت المفاوضات في سلطنة عمان على مايرام عبر ستة جولات متتابعة ، وكادت أن تصل لمرحلة ضبط تخصيب اليورانيوم لأقناع إسرائيل بعدم شروع إيران بالتوجه لانتاج قنبلة نووية ، و بأن مشاريعها النووية سلمية الطابع . وهو واقع لا لبس فيه . و تمكن نتنياهو في المقابل من اقناع أمريكا ، و ترامب تحديدا ليس بمشروع إيران النووي العسكري ( السرابي ) ، ولكن بجدوى شعار إيران ( الموت لإسرائيل ، و الموت لأمريكا ) ، و الذي هو شعبي ، مما أرعب ليس إسرائيل فحسب ، و إنما أمريكا أيضا بسبب راديكالية النظام الإيراني ، علما بأن إسرائيل تملك ترسانة نووية ، و الباكستان ، و الهند ، فلماذا الرعب من إيران فقط ؟
ومثلما اعتقدت إسرائيل بأنها حققت نجاحا في حربها مع إيران عبر اللوجستيا و الاغتيالات ،و الضربات الصاروخية و عبر المسيرات ، تمكنت إيران من فرك أنف إسرائيل بضرب العاصمة تل - أبيب و حيفا ، لدرجة طالب فيها الأسرائيليون بوقف الحرب و الاعتذار من إيران . ولم تجد إسرائيل مادة نووية في إيران ، لكنها تمكنت من قصف محطات نووية فوق الأرض ، و بقي النووي الإيراني المخصب دفينا في مواقعه السرية . و يقول الناس في ديارنا لو أن العرب سلكوا طريق إيران لما حصلت حرب الإبادة في غزة التي أسبابها معروفة .
وصف جلالة الملك عبد الله الثاني بتاريخ 17 حزيران 2025 هجمات إسرائيل على إيران بأنها تهديد للناس في كل مكان ، و بأن لا أحد يعلم أين ستنتهي حدود ساحة هذه المعركة . و في تصريح جديد لوزير الخارجية أيمن الصفدي قال فيه ( قلنا لا تستخدم أجواؤنا و بتوجيه من جلالة الملك اتصلت بنظيري الإيراني أكثر من مرة و أبلغته أن في إطلاق المسيرات و الصواريخ الإيرانية عبر الأجواء الأردنية تهديدا لأمننا و استقرارنا ) . و خلال لقائه وزير خارجية إيران عباس عراقجي في الكرملين في موسكو بتاريخ 23 حزيران 2025 الأثنين ، أكد الرئيس فلاديمير بوتين بأن الضربات الجوية الأمريكية ضد إيران تمثل عدوانا غير مبرر ، مشددا على دعم بلاده لطهران في مواجهة التصعيد .