في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، وتتزايد فيه المخاوف بشأن سلامة مراهقينا على الإنترنت، تبرز مبادرات تسعى إلى بناء جسور الثقة والأمان بين العائلات والمنصات الرقمية. مؤخرًا، استضافت منصة تيك توك فعالية "أكاديمية العائلة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة تعكس التزامها بتعزيز الرفاهية الرقمية وتمكين الأسر من التنقل في الفضاء الافتراضي بأمان ووعي.
لم تكن هذه الفعالية مجرد تجمع عادي، بل كانت منبرًا للحوار البناء، جمعت تحت سقف واحد أولياء الأمور، وصناع المحتوى الواعين، وخبراء السلامة الرقمية، والمدافعين عن بيئة رقمية صحية. كان الهدف واضحًا: تسليط الضوء على أهمية الوعي الرقمي، وتقديم أدوات عملية، وغرس عادات إيجابية تمكن العائلات من التفاعل مع العالم الرقمي بطريقة آمنة ومسؤولة.
حوار مفتوح: تمكين العائلات لمجتمعات رقمية آمنة
كانت الجلسة النقاشية التي حملت عنوان "تمكين العائلات لبناء مجتمعات رقمية آمنة" محور الفعالية، حيث قدمت رؤى قيمة من خبراء في المجال. شارك في هذه الجلسة كل من إيلونجا مبيانا، رئيس برامج السياسات العامة في تيك توك لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا وباكستان وجنوب آسيا، والدكتورة جنى بو رسلان، المعلمة وصانعة محتوى التغيير على المنصة. أدارت النقاش ببراعة ريمي سلوم، صانعة المحتوى التربوي البارزة، مما أضفى على الجلسة طابعًا تفاعليًا ومفيدًا.
تطرقت الجلسة إلى العديد من المواضيع الحيوية التي تهم الأسر في العصر الرقمي الحالي. من أبرز هذه المواضيع كان التعرف على "الإجهاد الرقمي" الذي قد يصيب المراهقين، وكيفية التعامل معه. كما تم التركيز على أهمية "عادات الشاشة الواعية"، وكيف يمكن للآباء والأمهات المشاركة بفعالية في تنظيم تجارب رقمية إيجابية ومخصصة لأبنائهم. لم يغفل النقاش عن الجانب العملي، حيث تم استعراض الاستخدام الفعال لأدوات السلامة المتاحة، مثل إدارة وقت الشاشة، والاقتران العائلي، وإدارة المواضيع، والتصفية المتقدمة للكلمات الرئيسية. هذه الأدوات، كما أوضح الخبراء، مصممة لدعم الحدود الرقمية الصحية وتشجيع الحوار المفتوح بين الآباء وأبنائهم، وهو ما يُعد حجر الزاوية في بناء بيئة رقمية آمنة.
رؤية من الداخل
خلال الفعالية، أكد إيلونجا مبيانا على التزام تيك توك بتزويد العائلات بميزات تحكم هادفة وقابلة للتخصيص. وصرح قائلاً: "نهدف لتزويد العائلات بميزات تحكم هادفة وقابلة للتخصيص لا تشجع فقط على السلوك المسؤول على الإنترنت، بل تعزز أيضًا الإبداع ضمن مجتمع داعم." وأشار إلى التطور المستمر في أدوات السلامة، مضيفًا: "لقد قدمنا في هذا العام وحده أكثر من 15 ميزة جديدة ضمن أدوات السلامة الرقمية لتعزيز أدوات الاقتران العائلي الحالية. وتشكل إرشادات مجتمع المنصة أساس منظومة الأمان لدينا، وهي تتطور باستمرار لمواكبة المخاطر الناشئة. إذ يحظى كل أفراد مجتمع المنصة بالحماية اللازمة عبر إطار حيوي ومتطور باستمرار للحفاظ على سلامته."
تحسينات مستمرة: أدوات لرفاهية العائلة
استعرضت الفعالية أحدث التحسينات التي أدخلتها تيك توك على ميزات السلامة المصممة خصيصًا لدعم رفاهية العائلة. تعتمد معظم هذه التحسينات على ميزة "الاقتران العائلي"، التي أطلقتها المنصة قبل خمس سنوات، والتي تتطور باستمرار بناءً على ملاحظات العائلات وتوجيهات خبراء السلامة الرقمية. من أبرز هذه التحسينات:
• خاصية "Time Away": تتيح هذه الخاصية للآباء تحديد أوقات معينة يُمنع فيها استخدام المنصة، مثل أوقات العشاء أو الدراسة أو النوم. يمكن ضبط جدول متكرر، وفي حال تغيرت الخطط، يمكن للمراهق طلب وقت إضافي، مع بقاء القرار النهائي بيد الأهل. هذه الميزة تعزز من قدرة العائلات على إدارة الوقت الرقمي بمرونة وفعالية.
• رؤية من يتابعهم المراهق: أصبح بإمكان الأهل الآن معرفة من يتابع المراهق ومن يتابعه، بالإضافة إلى الحسابات التي قام بحظرها. كما تم توسيع نطاق التحكم ليشمل تخصيص من يمكنه مشاهدة محتوى أبنائهم، والتفاعل معهم، وتحديد من يمكنه إرسال رسائل مباشرة لهم. هذه الشفافية تمنح الأهل راحة بال أكبر وتساعدهم على توجيه أبنائهم نحو تفاعلات إيجابية.
• خاصية "Wind Down": للمراهقين دون 18 عامًا الذين يستخدمون التطبيق بعد الساعة العاشرة مساءً، سيتم عرض تذكير بملء الشاشة يتضمن موسيقى هادئة لمساعدتهم على الاسترخاء والتفكير في الوقت. وإذا استمروا في التصفح، سيظهر تذكير ثانٍ أكثر إلحاحًا. هذه الميزة تهدف إلى تشجيع عادات نوم صحية وتقليل الإجهاد الرقمي.
• إشعارات مخصصة بوقت الشاشة: يمكن للأهل الآن تخصيص تذكيرات لأبنائهم المراهقين لتحديد وقت معين لاستخدام التطبيق خلال اليوم. هذه التذكيرات تساعد المراهقين على الالتزام بالحدود الزمنية التي يضعها الأهل، وتعزز من مفهوم المسؤولية الذاتية.
دعوة للنهج الاستباقي: رأي الخبراء
من جانبها، شددت الدكتورة جنى بو رسلان على أهمية اتباع نهج استباقي ومدروس لكيفية تفاعل الشباب مع التكنولوجيا. وأوضحت: "يجب أن ندرك حجم التأثير النفسي للوقت الذي يقضيه المراهقون أمام الشاشات. ومن خلال الجمع بين التعليم وأدوات السلامة المبتكرة، يمكننا مساعدة المراهقين على تطوير علاقات أكثر صحة وتوازن مع المحتوى الرقمي." وأضافت: "ونظراً لأن الاتصال الدائم للمراهقين بالإنترنت بات أمراً واقعاً، لذا علينا التركيز على تزويدهم بالمعرفة والدعم الذي يحتاجونه لتصفح هذا الفضاء بأمان ومسؤولية." هذه الكلمات تؤكد على الدور المحوري للتعليم والتوعية جنبًا إلى جنب مع الأدوات التقنية في بناء جيل رقمي واعٍ ومسؤول.
شهادات من الميدان: صوت صانعي المحتوى
لم تكن الفعالية مقتصرة على آراء الخبراء، بل تضمنت أيضًا شهادات حية من صانعي المحتوى الذين يعيشون التجربة الرقمية يوميًا. تحدثت صانعة المحتوى ريمي سلوم عن رحلتها الشخصية على المنصة، وكيف أنها تتبنى محتوى آمنًا وشاملًا لجميع الأفراد، خاصة وأنها أم. وصرحت: "بصفتي صانعة محتوى وأم أيضًا، فإن من المهم لي المشاركة في مثل هذه الجلسات للحديث عن تجاربي وتسليط الضوء على ميزات الأمان التي توفرها تيك توك ودورها في مساعدة العائلات على تصفح العالم الرقمي بثقة ومسؤولية أكبر. إنها مسؤولية مشتركة، ويقع علينا جميعًا مسؤولية توفير فضاء إلكتروني أكثر أمانًا للجيل القادم." هذه الشهادة تعكس الأثر الحقيقي للمبادرات التي تطلقها المنصة على حياة المستخدمين.
بالإضافة إلى أدوات السلامة، سلطت تيك توك الضوء على مبادراتها التعليمية، مثل موجز STEM، الذي يقدم محتوى تعليميًا تفاعليًا في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في أكثر من 100 دولة. من خلال هذه الأدوات والمبادرات، تؤكد المنصة التزامها بتمكين العائلات من خوض تجربة رقمية إيجابية وآمنة، قائمة على التفاهم، وتدعم التعلم، وتفتح المجال أمام الاكتشاف والإبداع.
نحو مستقبل رقمي آمن: المسؤولية مشتركة
لقد وفرت فعالية "أكاديمية العائلة" منصة فريدة للحوار الهادف حول السلامة الرقمية، مؤكدة على أهمية التعاون بين المنصات الرقمية، وأولياء الأمور، والمجتمعات ككل لخلق بيئة إلكترونية أكثر أمانًا. تواصل المنصة التزامها بتمكين العائلات من خلال الأدوات المبتكرة، والتعليم المستمر، والدعم المتواصل، بهدف توفير مساحة رقمية تشجع على الإبداع والتواصل والنمو الآمن للجميع. إنها دعوة مفتوحة لكل الأطراف للمشاركة في بناء مستقبل رقمي أكثر إشراقًا وأمانًا لأجيالنا القادمة.
