أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الشياب يكتب: مصر.. حين تنطق الأرض بالعمران وتتنفس المشاريع


الدكتور المهندس عطا الشياب

الشياب يكتب: مصر.. حين تنطق الأرض بالعمران وتتنفس المشاريع

مدار الساعة ـ

في زيارتي الأخيرة إلى مصر، لم تكن الزيارة مجرد مرور عابر على طرقاتها أو تذوقًا سريعًا لنبض شوارعها، بل كانت صدمة حضارية إيجابية... دهشة تتلوها دهشة، وإعجاب يتوالد كل لحظة مع مشهد جديد من مشاهد النهضة المتسارعة التي تعيشها هذه البلاد العريقة.
مصر اليوم لا تشبه مصر الأمس. فالنهضة التي تشهدها لم تعد حبرًا على ورق أو وعودًا على الشاشات، بل واقعٌ ينبض بالحياة، وورشة مفتوحة على اتساع الأفق. فالمشاريع العملاقة في كل الاتجاهات... من الزراعة إلى الصناعة، من الطرق إلى البنية التحتية، من الطاقة إلى الاتصالات. كل شيء يتحرك. كل شيء ينمو.
أدهشني على وجه الخصوص حجم الإنفاق الرأسمالي في تنفيذ مشاريع استراتيجية حيوية، تقف خلفها رؤية واضحة وإرادة سياسية لا تعرف التراخي. إنني لا نتحدث هنا عن ترميم أو تجميل، بل عن إعادة تشكيل وجه الوطن، وصياغة مستقبل جديد للأجيال القادمة.
في الزراعة، تُستصلح الصحارى وتحيا الأرض من جديد. في الطرق، شرايين حديثة تربط أطراف البلاد بسرعة وأناقة. في الصناعة، صروح ترتفع ومصانع تُبعث من الرماد. أما في القاهرة، فكان لا بد لي من التوقف مطولًا عند أحد أعاجيبها الحديثة: القطار الكهربائي السريع الذي يربط مدينة 6 أكتوبر بالعاصمة الإدارية الجديدة... مشروع حضاري بامتياز، يختصر الوقت ويجسد مفهوم "مصر الذكية".
وحين زرت الإسكندرية، وقفت مذهولًا أمام قصر المنتزه الذي بناءه الخديوي إسماعيل، وقد أُعيد تشغيله ضمن سياسة الدولة بإسناد بعض المواقع السياحية لجهات تشغيلية متخصصة. تخيّلوا قصرًا بمساحة 1500 دونم، يعود ليكون نبضًا من نبضات السياحة الراقية!
حتى أزمة السير الخانقة التي لطالما شكا منها المصريون، شعرت بتراجعها الملحوظ بفضل مشاريع التوسع العمراني، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي لم تُبنَ فقط لتكون عاصمة، بل لتكون "حلاً حضاريًا" يوزّع الكثافة وينظّم الحياة.
وأنا أستعرض هذا المشهد المصري المتجدد، لم أستطع إلا أن أتمنى من أعماقي أن تحظى بلادي الأردن بمثل هذا الحلم. كم أتوق أن أرى مشاريع نوعية بهذا الحجم على أرضنا... قطارات تربط المحافظات، مراكز اقتصادية تنبض في الجنوب والشمال، عاصمة جديدة تخفف عن عمّان عبء الاكتظاظ وتكون بوابة المستقبل.
إن ما رأيته في مصر ليس فقط ثمرة قرار سياسي أو تمويل ضخم، بل ثمرة إيمان. إيمان بأن التحديات لا تُهزم بالبكاء على الأطلال، بل بالعمل. وبأن الدول العظيمة تُبنى حين تتصالح مع حلمها، وتتشبث به حتى آخر نفس.
تحية لمصر، التي علمتنا مرة أخرى أن من أراد المجد... عليه أن يصنعه بيديه.
مدار الساعة ـ
story