أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الكردي تكتب: متى سنعيش


جوان الكردي

الكردي تكتب: متى سنعيش

مدار الساعة ـ
في زمن أصبح اللهاث خلف لقمة العيش هو عنوان الحياة، نتوقف قليلا.. نلتقط أنفاسنا.. لنسأل أنفسنا: متى سنعيش؟ متى سنجد لأنفسنا لحظة نلتقط فيها أنفاسنا بعيدا عن ضغوط الفواتير والتزامات المدارس وأقساط المياه والكهرباء والطعام..؟
هل كتب علينا أن نقضي أعمارنا في متاهة وأن ندور بدائرة مفرغة لا نهاية لها؟ نركض ونلهث فقط لنبقي رؤوسنا فوق سطح هذا البحر الهائج من المصاريف والهموم؟
ننظر حولنا.. نجد الدنيا تمضي بسرعة، تطوينا.. كل شيء يتغير إلا نحن. الأسعار ترتفع، المصاريف تتضاعف، الحياة تزداد صعوبة، بينما رواتبنا محدودة، ودخولنا لا تكفي. حلم السفر أصبح رفاهية بعيدة، جلسة هادئة في مطعم أصبحت ترفا، حتى أبسط وسائل الترفيه تحولت إلى أمنية مؤجلة، ربما إلى الأبد.
الأكثر قسوة من ضيق الحال هو الشعور بالظلم الذي يكتسحنا. نرى من حولنا كيف تُمنح الفرص والمناصب لناس وناس. خريجون ينتظرون سنوات بدون عمل، وآخرون يتخرجون اليوم ليجدوا الوظائف في انتظارهم، لأن "فلان" تدخل و"علان" توسط.
الترقيات حكر على المحسوبين، والمناصب حجزت مسبقا لأبناء أصحاب النفوذ، أما نحن، فمكاننا هو المقعد الأخير نراقب بأعيننا، ونتحسر بصمت.
حتى في أبسط حقوقنا الإنسانية، كالصحة والتعليم، صارت الواسطة هي المفتاح. مريض لا يجد سريرا في مستشفى حكومي لأنه لا يعرف أحدا، وآخر يعالج في أفضل المستشفيات لأن شخصا ما اتصل وطلب.
المعادلة باتت واضحة ومؤلمة: مقولة "من جدّ وجد" هي محض كذبة، لإلهاء الناس، الشقاء لا يقود إلى النجاح، والاجتهاد لا يعني بالضرورة تحقيق الأحلام، فالأبواب لا تفتح بالكفاءة بل بالمحسوبية، ولا تبنى الأحلام بالعمل والجد فقط، بل بالعلاقات.
ومقولة" الفقر مش عيب" هي أكذوبة أخرى أيضا.. الفقر ليس شيئا نبيلا لنفتخر به.. هو شكل من المعاناة.
ومع ذلك، نواصل الركض. ليس لدينا خيار آخر. نخاف أن نتوقف، فنغرق في بحر الديون. نقنع أنفسنا أن القادم أفضل، رغم أن الواقع يخبرنا بعكس ذلك. تمضي أعمارنا بين فاتورة وأخرى، بين قسط وأجرة، بين تعب بلا مقابل وشقاء بلا نهاية، نعدّ الأيام ولا نعيشها.
متى سيأخذ الناس حقهم في الأمل؟ متى تطبق القوانين على الجميع بعدالة؟ من فرص متكافئة لا تعترف بالواسطة، إلى دولة مؤسسات لا دولة علاقات. نحتاج أن نشعر بأن تعبنا لا يذهب عبثا، وأن جهدنا سيثمر يوما.
وقبل كل شيء، نحتاج أن نعيش… فقط نعيش.
فهل هذا كثير؟
مدار الساعة ـ
story