أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

السكحفي تكتب: هل أنت بخير حقاً؟


تغريد السكحفي

السكحفي تكتب: هل أنت بخير حقاً؟

مدار الساعة ـ

الوحدة في زمن مزدحم: حين يمتلئ العالم ويفرغ القلب
في زحمة الأيام، في ضجيج الرسائل، في طوفان الاجتماعات والمواعيد والتنبيهات... قد يخطر في بالك فجأة سؤال بسيط لكنه ثقيل: لماذا أشعر أنني وحيد؟
لم تعد الوحدة اليوم مرتبطة بعزلة المكان أو قلة الناس. نحن محاطون بالبشر، نكتب ونُعلّق ونشارك ونردّ ونعيد التغريد. نعيش في زمن افتراضي مزدحم إلى الحد الذي لا يترك لنا فرصة لالتقاط أنفاسنا... ومع ذلك، هناك فراغ لا تملؤه الشاشات، هناك حديث نحتاجه لا يأتي، ولمسة بشرية نفتقدها خلف الرموز التعبيرية.
الوحدة اليوم تسكن بيننا بصمت. نراها في عيون أمٍ تنظر إلى صور أولادها المهاجرين. نلمحها في ضحكة صديق يتهرب من الحديث الجاد. نشعر بها في كبار السن الذين يجلسون طويلاً أمام النوافذ دون موعد، وفي شبان يبدون مشغولين دائمًا لكن لا أحد يسألهم: هل أنت بخير حقاً؟
صارت القلوب تُدار بحسابات الوقت والالتزامات، وغابت الأسئلة العميقة خلف الردود السريعة. صار كثير من الناس يمشون بثقل، لا من التعب الجسدي، بل من غياب الأُنس. يعيشون بين الآخرين، لكن دون شعور بالاحتواء. وكأن العالم أصبح مزدحمًا، لكنه "بارد".
لأننا ما زلنا نقدر أن نكون نورًا لبعضنا
ومع كل هذا، يبقى هناك نور صغير لا ينطفئ: الأمل في العودة إلى ما هو حقيقي. ما زال في وسعنا أن نُحدث فرقًا بكلمة، أو مكالمة، أو حضن صادق.
ما زالت هناك قلوب تبحث عن قلوب، وأشخاص ينتظرون بادرة بسيطة تُعيدهم إلى الحياة. ما زال في هذا العالم متّسع للدفء، وللأصدقاء الحقيقيين، وللعائلة التي تعرف كيف تُربّت على الظهر بصمت.
ربما لا نستطيع تغيير العالم بأكمله، لكننا نستطيع أن نكون ملاذًا دافئًا لشخص واحد على الأقل... ولعل ذلك يكفي.
مدار الساعة ـ
story