مدار الساعة -
كثير من الناس حولي يقومون بتشفير المسبات والكفريات، فهل يأثمون عليها بالرغم إنها لا تأتي بنفس الصيغة المتعارف عليها؟ وهل يقع علي إثم مصاحبتهم؟ وهل يقع عليهم نفس إثم المسبة أو اللفظ الكفري الأصلية؟ مع العلم إنني عندما أسمع التشفير أعلم ما هي المسبة أو المسبة الكفرية فأفهمها.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
سب الله أو سب الدين كفر وردة عظيمة عن الإسلام.
وإذا كان المقصود من التشفير: السب بكلمات لا يفهم منها كل أحد سب الشخص، أو سب الدين، كما هو المتبادر، فهذا فيه تفصيل:
1-فإن قصد المتكلم بذلك سب الدين، كفر، ولو لم يفهمه أحد.
2-وإن لم يقصد سب الدين، ولم يطرأ له ذلك ببال، وإنما تحاشاه بذكر لفظة أخرى، يجعل فيها مسبته، بدلا من سب الدين: لم يكفر.
وقد سئل الشيخ عطية صقر، رحمه الله: " ما حكم الدين فيمن يسبون الديك أو أى شىء آخر بدل أن يسبوا الدين؟
فأجاب: "يجرى على ألسنة بعض الفساق عبارة سب الدين، وذلك رِدة وكفر لها حكمها، وأحيانا يقول الشخص "يلعن ديك أمك " وحكمه أنه إذا كانت نيتة سب الدين ولكن يتستر بلفظ الديك حتى لا يؤاخذه أحد عليه فهو مرتد عند الله سبحانه، لأن الإنسان يحاسب عند ربه بحسب نيته، أما بالنسبة لنا فلا نحكم عليه بالردة، لأننا مأمورون بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر
وأحذر هؤلاء من هذه العبارة التى لو تعودوها فقد يصرحون بسب الدين وهنا يكون الكفر، مع أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الديك فقال: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة" وفى لفظ "فإنه يدعو إلى الصلاة" رواه أحمد وابو داود وابن ماجه باسناد جيد". انتهى، من "فتاوى دار الإفتاء" (7/403).
3-وإن سب شخصا بذلك الكلام المشفر، وقصد السب، فهم من كلامه السب أو لم يفهم، فهو معتد ساب لغيره، وسباب المسلم فسوق، كما روى البخاري (6044)، ومسلم (64) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ).
والواجب الحذر، وكف اللسان عن ذلك، فربما صدر منه لفظ السب صريحا، أو قصد سب الدين، فوقع في الردة، عياذا بالله، مع ما في استعمال هذا السب المشفر من أذى الغير ومشابهة أهل الجهل والفسق، والمؤمن ليس بالطعان ولا باللعان ولا بالبذيء، فكيف إذا كانت البذاءة تتعلق بالدين.
والله أعلم.