أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات خليجيات دين مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

أرقام المركبات الرسمية


سلامة الدرعاوي

أرقام المركبات الرسمية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
بيع أرقام السيارات المميزة وتحويل العائد لصندوق دعم الطالب الجامعي أداة اقتصادية ذكية تعكس فكرًا جديدًا في إدارة الموارد، فما الذي تغير؟ ولماذا يبدو هذا القرار مختلفًا عن المعتاد؟
الحكومة قررت أن تتخلى عن احتكارها للأرقام المميزة، فالأرقام التي كانت محجوزة لمركبات الوزراء والأعيان والنواب والهيئات الحكومية الرسمية باتت الآن متاحة للمواطنين، وفق نظام منظم وشفاف، فالسؤال الأول الذي يطرح نفسه: هل الحكومة بحاجة فعلاً إلى أرقام مميزة؟ الجواب الحاسم: لا، فما تحتاجه الحكومة هو وضوح في هوية المركبة، بحيث تكون اللوحة دالة على الجهة المالكة بشكل مباشر.
ولهذا جاء نظام الترميز الجديد، الذي استبدل الأرقام بحروف تشير إلى فئة المركبة، فالنظام الجديد ليس مجرد تغيير في الشكل، بل خطوة تنظيمية تُسهِّل التتبع وتمنع الالتباس وتُعزز الشفافية.
لكن أهمية القرار لا تقتصر على التنظيم، هنا يظهر البعد الاقتصادي والاجتماعي الأعمق، فعوائد بيع الأرقام المميزة، بموجب القرار الجديد، ستُخصص بالكامل لصندوق دعم الطالب الجامعي، فهذه ليست فقط موارد إضافية، بل موارد مستدامة تنبع من سوق فعلي فيه طلب وعرض، وفيه شغف بشيء يدفع البعض مبالغ كبيرة للحصول عليه، فلماذا لا يُستفاد من هذا الشغف؟ من أراد رقمًا مميزًا فليدفع، وليكن هذا المال بابًا لفرصة تعليمية جديدة.
السؤال الثاني: هل هذه العوائد مؤثرة؟ نعم، وبشكل مباشر، فالحكومة قررت زيادة مخصصات الصندوق بنسبة 50 % هذا العام، لتصل إلى 30 مليون دينار، بالإضافة إلى ما سيدخله بيعُ الأرقام، والنتيجة المتوقعة واضحة: زيادة عدد الطلبة المستفيدين من الدعم، توسيع قاعدة المنح والقروض، وتقليل عدد المتسربين من التعليم الجامعي لأسباب مالية.
الآلية المعتمدة للبيع كذلك مدروسة، فالأرقام الأعلى تميزًا تُطرح في مزادات علنية، والباقي يُباع عبر قنوات رسمية، فلا يوجد باب للفوضى أو المحسوبيات، والمال يذهب مباشرة إلى هدف نبيل هو دعم التعليم، وهنا تبرز ميزة إضافية للقرار، فهو يجمع بين الانضباط المالي والأثر الاجتماعي، في معادلة تحقق التوازن.
القرار أيضًا جزء من رؤية أشمل، سبقته إجراءات أخرى لضبط النفقات كمنع سفر الوزراء ورؤساء الهيئات والمؤسسات الرسمية ومدراء الدوائر الحكومية إلى الخارج، إلا للاجتماعات الرئيسة والضرورية لعمل الوزارة، فهذا ليس تصرفًا معزولًا بل سلوك متكامل، يشير إلى أن هناك توجهًا عامًا لإعادة ترتيب الأولويات وتوجيه الموارد نحو ما ينفع الناس.
السؤال الجوهري الآن: هل يمكن تكرار هذا النموذج في مجالات أخرى؟ بالتأكيد، هناك الكثير من الموارد المجمّدة، من الأصول الحكومية غير المستخدمة إلى الامتيازات غير الضرورية، فإذا أُعيد توجيه هذه الموارد بنفس الروح، يمكن خلق مصادر دخل جديدة دون أي عبء على المواطنين.
بيع الأرقام المميزة هو أكثر من إجراء تنظيمي، فهو مثال على كيف يمكن لتحرك بسيط، محسوب وشفاف، أن يخلق أثرًا حقيقيًا، إذ إن رقما يُباع، وطالبا يتعلم، فهذه المعادلة التي نحتاج إلى تكرارها في كل ملف نعيد التفكير فيه.
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
story