أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

بين تقييم الأداء وترقّب الشارع: تعديل حكومة حسان.. إعادة تشكيل لا تعديل عابر

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,الدكتور جعفر حسان,مجلس النواب
مدار الساعة ـ
حجم الخط

div>مدار الساعة - كتب سلطان عبدالكريم الخلايلة -

التعديل الحكومي المرتقب على حكومة الدكتور جعفر حسان لم يعد مجرد احتمالية سياسية، بل بات مسألة وقت، تُهيئ لها المعطيات والقراءات من داخل أروقة القرار، ومن المزاج العام أيضاً. غير أن المثير في هذا التعديل المرتقب، أنه لا يُنظر إليه كتغيير جزئي روتيني، بل يتّجه في منحى “إعادة تشكيل”، بما يحمله ذلك من دلالات سياسية وإدارية وتنظيمية.
فالحكومة التي لم تُكمل عامها الأول بعد، تدخل مرحلة مراجعة وتقييم، لا تخلو من جرأة في مقاربة الأداء، سواء على صعيد الإنجاز الوزاري أو العلاقة مع الناس. الرئيس حسان، الذي جاء إلى الدوار الرابع وسط ظروف دقيقة وحساسة، يبدو أنه يدير المرحلة بتأنٍ وصمت، لكنه – في العمق – يُعيد ترتيب المشهد الوزاري وفق معايير لم تكن حاضرة بوضوح في حكومات سابقة.
على خلاف رؤساء حكومات سابقين، لا يُكثر حسان من التصريحات ولا يظهر في المؤتمرات، ويُفضّل أن يراقب بصمت. لكنه صمت لا يعني الغياب. فالرجل معروف بدقّته ومتابعته الحثيثة، ويُقال إنه يدوّن كل ملاحظة تصل إليه، ويعتمد على فريق رصد إلكتروني يقدّم له الصورة الكاملة: الرأي العام، الإعلام، وسائل التواصل، ومزاج الناس.
هذا الانصات لا ينفصل عن التقييم الوزاري الجاري، والذي وضعه الرئيس منذ اليوم الأول أساسًا للبقاء أو المغادرة. الأداء هو الفيصل، لا الأسماء أو المواقع. كما أن الرضا الشعبي حاضر في عقلية الرئيس، رغم إنكار البعض لذلك لأسبابهم الخاصة، وكأنهم يروجون لرئيس غير مكترث بالرأي العام. والحقيقة أن الرئيس، بقدر ما يتجنب الصخب، يتعامل بجدية مع إشارات الناس، ويأخذ منها ما يخدم مصلحة البلاد.
حتى اللحظة، لم يُسجَّل على الرئيس أو حكومته أي اشتباك معلن مع مجلس النواب الحالي، رغم أن كثيراً من النواب وجهوا انتقادات وطرحوا تساؤلات تحت القبة. وهو ما جعل البعض يعتبر أن حسان يُفضل العمل في مسافة آمنة، بعيداً عن التجاذبات والمناكفات. وهناك من يرى في ذلك نضجاً إدارياً يتيح للحكومة إنجاز ملفاتها دون تشويش، فيما يعتقد آخرون أن غياب الردود الرسمية أضعف صورة الحكومة وأفقدها مساحة الحوار.
لكن التعديل المنتظر قد يكون مناسبة لإعادة ضبط العلاقة مع المجلس، وفتح نوافذ جديدة للتواصل المباشر مع المواطنين، سواء عبر الإعلام أو من خلال الميدان.
ما بين نهاية الإجازة الخاصة للرئيس وانعقاد الدورة العادية المقبلة لمجلس النواب، تتحرك بورصة الأسماء بهدوء. ليست هناك عجلة، ولا مفاجآت مدوّية، لكن التغيير قادم. مصادر عديدة تتحدث عن مغادرة عدد من الوزراء، ودخول أسماء جديدة تُختار على أسس التخصص والخبرة والقبول العام.
التوقيت ليس اعتباطيًا، بل محسوب بدقة: الحكومة أمام موازنة عامة، وتشريعات تمسّ حياة المواطن، وقوانين تحتاج إلى شخصية تنفيذية حاسمة وقادرة. ولعل الرئيس يدرك أن أي تأخير في التعديل، أو تساهل في معاييره، سيُضعف زخم الحكومة في مرحلة هي الأشد حساسية منذ بداية العهد الجديد.
حين نتأمل طبيعة هذا التعديل المنتظر، فإننا لا نرى فيه مجرد نقل وزير أو تدوير حقيبة، بل عملية إعادة تموضع شاملة. فالرئيس يسعى فيما يبدو إلى بناء فريق وزاري جديد منسجم مع رؤيته، قادر على تنفيذ أجندة المرحلة المقبلة، ومؤهل لاستعادة ثقة الرأي العام.
إنها لحظة مفصلية، ليس لحكومة حسان فقط، بل للمشهد السياسي والإداري بأكمله. فإما أن يُحدث التعديل أثراً ملموساً يفتح الطريق نحو استقرار وفعالية، أو يُعيد إنتاج نفس النمط الذي فقد الناس ثقتهم به، وفي الحالتين، فإن ما بعد التعديل لن يكون كما قبله.

مدار الساعة ـ
story