مدار الساعة - كتبت سجى مجدي الجراروة -
في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد الضغوط اليومية، يلجأ كثير من الناس إلى فنجان القهوة كمصدر للطاقة أو وسيلة لتحسين المزاج. وللقهوة، دون شك، جانب إيجابي يتمثل في تحسين التركيز والتنبيه الذهني. لكنّ وجهًا آخر قد يُغفل كثيرًا، وهو أثر القهوة على الصحة النفسية، الذي لا يقل أهمية عن أثرها الجسدي.
القهوة والقلق :
يحتوي فنجان القهوة على مادة الكافيين، وهي مادة منبّهة تؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي. بالنسبة لبعض الأشخاص، فإن جرعة الكافيين اليومية تعطي شعورًا باليقظة والنشاط، لكن لدى آخرين، قد تسبّب تفاقم مشاعر القلق والتوتر.
الكافيين يزيد من إفراز هرمون الأدرينالين (هرمون "الهروب أو المواجهة")، ما يرفع معدل ضربات القلب ويعزز الشعور بالتوتر أو التهيّج، خاصة لدى من يعانون أصلًا من اضطرابات القلق.
القهوة واضطراب النوم والاكتئاب :
من العوامل الأساسية في الحفاظ على توازن الصحة النفسية: النوم الجيد. وهنا تظهر مشكلة أخرى في علاقة القهوة بالنفس. فشرب القهوة في ساعات متأخرة من اليوم يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في النوم أو أرق مزمن.
قلة النوم لا تؤدي فقط إلى التعب الجسدي، بل ترتبط مباشرة بتقلبات المزاج، وضعف التركيز، وازدياد أعراض الاكتئاب، بل حتى ميول انفعالية سلبية.
هل تؤدي القهوة إلى الإدمان النفسي؟
نعم، قد تؤدي إلى نوع من الإدمان النفسي، حيث يرتبط شرب القهوة بالشعور بالراحة أو الإنجاز أو بداية اليوم. مع مرور الوقت، قد يشعر البعض أن مزاجهم لا يتحسن إلا بعد شرب فنجان القهوة، مما يجعلها وسيلة غير واعية لتنظيم العاطفة.
عند التوقف المفاجئ عن شربها، قد تظهر أعراض انسحابية مثل العصبية، الكآبة المؤقتة، وصعوبة في التركيز، وكلها تؤثر على الصحة النفسية سلبًا.
ليست كل نفس تتأثر بنفس الطريقة
من المهم أن نذكر أن تأثير القهوة على النفسية يختلف من شخص لآخر. فهناك من يمكنهم شرب عدة أكواب دون أدنى أثر سلبي، وهناك من تؤثر عليهم نصف فنجان. العوامل التي تلعب دورًا تشمل: الوراثة، نوع الجسم، المزاج العام، وحتى الحالة النفسية عند شرب القهوة.
فنجان القهوة ... توازن لا إدمان
لا نقول إن القهوة عدوة للصحة النفسية، ولكنها قد تتحول إلى عامل ضغط نفسي خفي إذا لم ننتبه لطريقة ووقت وكميّة استهلاكها. التوازن هو المفتاح.
فإذا كنت تعاني من القلق، الأرق، أو تقلبات مزاجية، فقد يكون من المفيد مراقبة استجابتك للقهوة، وربما تقليلها تدريجيًا.
في النهاية، راحة البال لا تُصبّ في فنجان، بل تُصنع من وعيٍ بأجسادنا ونفسياتنا.