أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

البستنجي يكتب: طفلك في زمن الشاشات.. كيف تبني هويته الرقمية من داخل البيت؟


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: طفلك في زمن الشاشات.. كيف تبني هويته الرقمية من داخل البيت؟

مدار الساعة ـ
في زمنٍ تتكاثر فيه الشاشات كما تتكاثر الأسئلة في عقول أبنائنا، وتتشابك فيه الأصوات والصور والرسائل عبر الفضاء الرقمي، يبقى البيت هو القلعة الأولى، والحضن الدافئ، والمدرسة التي تُرسم فيها ملامح الهوية الأولى.
حتى وإن اتخذت هذه الهوية طابعًا رقميًا عصريًا، فإن جوهرها يجب أن يبقى إيمانيًا أخلاقيًا، يُغذّى من داخل الأسرة، لا من خوارزميات التطبيقات.
? ما هي الهوية الرقمية؟
ليست مجرد حسابٍ على "تيك توك"، أو صورة على "إنستغرام"، أو محتوى على "يوتيوب"، بل هي انعكاسٌ صادق لشخصية الطفل المسلم في الفضاء الرقمي:
▪ماذا يتابع؟
▪ما الذي يشاركه؟
▪من يقتدي به؟
▪وكيف يتفاعل مع العالم من حوله؟
إنّها مرآة لهويته الإيمانية والأخلاقية، وانعكاس لمبادئه في السرّ والعلن.
? الأسرة أولًا… لا الإنترنت!
قال رسول الله ﷺ:
"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"
فالوالدان – قبل أي منصة أو تطبيق – هما أوّل من يغرس البذور في قلب الطفل، ويشكّل بوصلة الاتجاه وسط زحام الشاشة.
والتربية الرقمية لا تبدأ من "إعدادات الهاتف"، بل من دفء الحكايات قبل النوم، من نبرة الحديث في البيت، من مساحة الحوار الآمن، ومن تقبّل الأسئلة دون تخويف أو تهكّم.
مشروع الهوية الرقمية لا يبدأ من إعدادات الجهاز… بل من جلسة دافئة، من قصة قبل النوم، من سؤال: "ما رأيك؟" و"هل هذا يُرضي الله؟"
? حقائق تقلقنا
تشير الدراسات إلى أن الأطفال يقضون من 6 إلى 8 ساعات يوميًا أمام الشاشات، يتعرضون خلالها لآلاف الصور والمقاطع والمفاهيم.
فإن لم تكن هناك فلترة تربوية وقيمية من داخل البيت، فكيف ستُصاغ الهوية؟
ومن يضمن اتجاه البوصلة؟
? دليل عملي لبناء الهوية الرقمية لطفلك:
1. القدوة أبلغ من ألف نصيحة
لا تنهَ ابنك عن الغرق في الشاشة وأنت لا ترفع رأسك منها.
ولا تعنّفه على متابعة التافهين وأنت تمجّدهم.
الهُوية تُصنع بالمشاهدة أكثر من الاستماع، وبالسلوك أكثر من الأوامر.
2. المرافقة لا المراقبة
لا تكن "شرطيًا رقميًا"، بل "شريكًا توجيهيًا".
شارك طفلك بعض ما يشاهده، وابدأ معه حوارًا ناقدًا، واسأله بلين:
▪ ما رأيك؟
▪هل ترى أن هذا يرضي الله؟
▪ هل يُشبه ما تعلمناه من القيم؟"
? لا تتركه يُرضي الجمهور، ويخسر الله.
3. أدخل النيّة والقيمة في كل نقرة
علّمه أن يجعل لكل ضغطة نية، ولكل مشاركة رسالة، ولكل متابعة هدفًا.
ربِّه على أن يسأل نفسه:
▪هل هذا يُرضي ربي؟
▪هل يُعبّر عن أخلاقي كمسلم؟
▪هل فيه نفع للناس؟
4. حدود واضحة وأوقات مضبوطة
الأجهزة لا تُترك بلا سقف.
فالطفولة تحتاج للركض في الحديقة، لا فقط للنقر على الشاشة.
العقل يحتاج راحة، والقلب يحتاج سكينة، والروح تحتاج قرآنًا وسجودًا… لا مجرد ضجيج رقمي.
5. اختر له البدائل، لا تحرمه فقط
لا تكن حاضرًا في المنع، غائبًا في البناء.
قدّم له:
▪تطبيقات نافعة
▪قنوات هادفة
▪مقاطع مشرقة
▪نماذج شبابية مؤمنة وملهمة
▪املأ فراغه بخيرٍ يُحبّه، لا بممنوعات تزيد عناده.
6. لا تتركه وحيدًا في أرضٍ معتمة
الطفل في رحلته الرقمية ليس بحاجة إلى طريق مفتوح، بل إلى بصيرة ترشده، وخارطة تربوية تهديه.
فإن لم تكن أنت مرشده، فمن؟
وإن تركته لبعيدٍ لا يعرفه ولا يعرفك، فكيف تضمن سلامة الوصول؟
✨ نحو جيل رقمي... بوعيٍ إيماني
لسنا ضد التكنولوجيا، ولسنا دعاة اعتزالٍ للعالم الرقمي.
لكننا نؤمن أن الطفل المسلم قادر أن يكون رقميًا بوعي، متصلًا بالشبكة دون أن ينقطع عن السماء.
قادر أن يكون مؤثرًا لا مقلدًا، صانع محتوى لا متلقيًا، صاحب رسالة لا تابعًا عابرًا.
ابنك اليوم يصوغ هويته بأنامله، فلا تستهِن بما يراه أو ينشره.
في كل نقرة، ملامح تُرسَم،
وفي كل مشاركة، قِيم تُغرس.
اجعل بيتك مصنعًا للقيم، ومصدرًا للقدوة، ومرفأً للبوصلة...
فإنّ التربية الرقمية تبدأ من الداخل... لا من خلف الشاشة.
مدار الساعة ـ
story