يتوجب الوقوف مليًا، وإعداد الخطط والاستراتيجيات، بشأن الأرقام الخطيرة التي كشف عنها التقرير الاحصائي السنوي للمحاكم الشرعية، حول ارتفاع عدد حالات الطلاق، العام 2024، والتي بلغت حدًا، يُصبح المرء معه يضرب أخماسًا بأسداس، فعندما يكون هُناك 3 حالات طلاق كُل ساعة، فذلك أمر جلل، يستوجب دق أجراس الخطر.
التقرير الذي أطلقته المحاكم الشرعية، مؤخرًا، أكد وجود 25 ألفًا و943 حالة طلاق، خلال العام الماضي (2024)، الأمر الذي يعني أن الأردن يشهد شهريًا 2162 حالة طلاق، وبمعنى ثان 72.1 حالة طلاق يوميًا.
تلك أرقام جد خطيرة، ومؤلمة في الوقت نفسه، فهي تضرب الأسرة، التي تُعتبر عصب أي مُجتمع على وجه هذه البشرية، في مقتل، فأولى سلبيات الطلاق هو تشتت العائلة، وترك أفرادها فريسة أو «لقمة» سهلة أمام الانحراف والتشرد والسرقة والاحتيال والاستغلال، وقد تصل إلى القتل، وقبل ذلك «السكون» إلى المرضى النفسيين والمُجرمين من تُجار المُخدرات والتنظيمات الإرهابية.
ولكي أكون مُنصفًا، ومن باب الموضوعية والأمانة الأخلاقية، فإن هذه الأرقام المُرعبة، لأول مرة الحُكومات بريئة منها، وليس هُناك أي مُبالغة إذا ما قلت بأنها (الحُكومات) ليست من أسباب مثل هذه الظاهرة.. نعم، ظاهرة فعندما يكون هُناك 3 حالات طلاق كُل ساعة، في مُجتمع يُعتبر لحد الآن مُحافظًا، فهي ظاهرة لا جدال فيها.
هُنا، المسؤولية تقع على المُتزوجين بالدرجة الأولى، ومن ثم ذويهما بالدرجة الثانية، خصوصًا أن أرقام التقرير الإحصائي نفسه تؤكد أن الفئة العمرية ما بين 30 و40 عامًا، هي الأكثر طلاقًا من حالات زواج العام الماضي.
يبدو أن الشاب الأردني، المُقبل على الزواج، يحتاج إلى الكثير من دورات التوعية فيما يتعلق بالزواج بحد ذاته، وفهم عميق بشؤون الأسرة، وكيفية تكوين عائلة ومن ثم المُحافظة عليها.. فالمسؤولية التي تقع على الشاب تبدأ من اختياره لشريكة حياته زوجًا له، ثم يتوجب عليه الاقتناع بأن هذه الزوجة، لها شخصيتها المُستقلة وعادات وتقاليد خاصة بها، شريطة عدم تجاوز الحد الذي جُلنا تربينا ونشأنا عليه.. وما ينطبق على الشاب ينطبق تمامًا على الشابة.
لست خبيرًا اجتماعيًا أو نفسيًا، لكن مما أسمعه واقرأ عنه، المُشكلة الأساس ما بين الزوجين، تبدأ أولى خطواتها من أن أحد الطرفين يُريد أن يفرض رأيه على الآخر، حتى ولو كان خطأ، كما يعمل أحدهما على تسيير الآخر كيفما يشاء، وكأن الذي أمامه عبارة عن «دُمية».
النقطة الثانية، والتي لا تقل أهمية عن سابقتها، هي أن الكثير من الرجال يرون بأنهم لو صبروا قليلًا لكان الخيار أفضل وبشكل كبير، ومن ثم الزواج بامرأة أفضل ممن تزوجها، وذلك ينطبق أيضًا على المرأة.
النقطة الثالثة، تتعلق بالأهل، فللأسف الأهل من الطرفين، في حالات عديدة يكونوا هم أسباب رئيسة في الطلاق، من خلال تشبثهم وتمسكهم بآراء وعادات وتقاليد، أصبحت بالية، ولا تصلح أبدًا لمُجتمع يعيش في القرن الواحد والعشرين.
هُناك عائلات ما تزال تنظر إلى زوجة الابن على أنها فرد يتوجب أن يخضع لقوانين العائلة، التي تتبع الابن.. وفي المُقابل هُناك عائلات ما تزال تنظر إلى زوج الابنة، عبارة عن «ملك» جديد يُضاف إلى أملاكهم، ويجب نزعه من بيئته السابقة، وذلك هو «لُب» الموضوع.