لم أكن أعلم أن الغياب قد يكون بهذه القسوة، وأن الحياة يمكن أن تفقد ألوانها دفعة واحدة… إلى أن رحل أبي، وتبعته أمي، وكأن الأرض انسحبت من تحت أقدامي.
أفتقدكما في كل لحظة… في تفاصيل يومي، في ابتسامة الصباح، وفي دعاء المساء. كان وجودكما أمانًا لا يُشبهه أمان، وكان دفء حديثكما كفيلًا بأن يبدّد كل ضيق في قلبي.
أبي… يا سندي، يا صاحب الوجه الذي كنت أختبئ فيه من كل الدنيا.
رحيلك كسر ظهري، وأطفأ جزءًا من روحي لا يُرمم.
أمي… يا حناني، ويا وطن الطمأنينة.
رحلتي، ولم ترحلي من ذاكرتي، ما زالت يدك تحتضنني في المنام، وصوتك يهمس في قلبي كلما تعبت.
يمرّ الوقت، والناس تظن أني بخير، لكن الحنين إليكما لا يهدأ، والدمع لا يعرف ليلًا ولا نهارًا.
لم أعد كما كنت… فغيابكما غيّر ملامحي من الداخل، وجعلني أتقن الصمت أكثر من الكلام، والبكاء أكثر من الفرح.
رحمكما الله يا من كنتم نبض قلبي.
اللهم في كل جمعة، وفي كل لحظة حنين، اجعل أبي وأمي في أعلى مراتب الجنة.
اللهم اجعل قبريهما نورًا وسكينة، وبلّغهما دعائي وشوقي ودموعي،
وارزقني برّهما ما حييت، واجعل لقائي بهما في الفردوس الأعلى حيث لا فراق بعده أبدًا.