منذ اندلاع الحرب على غزة برز صوت الأردن ممثلاً بجلالة الملك عبدالله الثاني كأحد أكثر الأصوات العربية والعالمية اتزاناً وجرأة في مواجهة آلة العدوان الإسرائيلي ودفاعاً عن حق الفلسطينيين في الحياة والكرامة لم تكن مواقف الملك تجاه غزة وليدة اللحظة بل امتداد لموقف أردني ثابت قائم على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ورفض كل أشكال الانتهاك والتجويع والحصار.
منذ الأيام الأولى للحرب الأخيرة دعا الملك إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار محذراً من أن استمرار العدوان يشكل
كارثة إنسانية غير مسبوقة كما أكد في جميع خطاباته ومقابلاته الدولية أن استهداف المدنيين خصوصاً الأطفال والنساء في غزة يعتبر جريمة حرب يجب أن يحاسب مرتكبوها.
وفي لقاءاته المتكررة مع قادة الدول الغربية لا سيما في واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي قدم جلالته موقفاً عربياً عقلانياً لكنه غير قابل للمساومة رافضاً تبرير الحرب تحت أي غطاء ومطالباً المجتمع الدولي بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى سكان القطاع.
وفي السياق ذاته لم تقتصر جهود الملك على الجانب السياسي بل تحوّلت المملكة إلى واحدة من أكبر الدول الداعمة لغزة إنسانياً أُرسلت عشرات القوافل من المساعدات وأقيم المستشفى الميداني الأردني في غزة والذي واصل عمله رغم المخاطر ليعكس التزام الأردن الدائم بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين، ليس فقط بالكلمات بل بالفعل.
علاوة على ذلك ما يميز خطاب الملك عبدالله الثاني أنه يجمع بين الصرامة السياسية والبعد الأخلاقي فالأردن بقيادته لا يهادن في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ولا يقبل بتحويلها إلى ملف تفاوضي موسمي وفي أكثر من موقف أكد الملك أن "لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية" مضيفاً أن "السكوت عن الجرائم في غزة يهدد منظومة القيم الدولية بأكملها".
في زمن تتعدد فيه الحسابات وتتداخل فيه المصالح بقي صوت الملك عبدالله الثاني ثابتاً يصدح بالحق دون تردد. إنه موقف الزعيم الذي يدرك أن القضايا العادلة لا تقايض وأن دماء الأبرياء في غزة أمانة في أعناق من يملكون منابر التأثير لا منابر التردد.
مجمل القول.. لا عجب أن يجد الأردنيون في موقف ملكهم تجاه غزة انعكاساً لقيمهم وتاريخهم ولا غرابة أن تحظى مواقف الأردن بإجماع شعبي ودولي يحترم من يقف مع الإنسان قبل كل شيء.