أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الرسوم الجمركية الأميركية على الأردن


سلامة الدرعاوي

الرسوم الجمركية الأميركية على الأردن

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
قرار فرض رسوم جمركية بنسبة 15 % على صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة يجب النظر إليه بميزان الواقع لا بردود الفعل الانفعالية، فالقرار جزء من حزمة أوسع طالت أكثر من 67 دولة، وضمن هذه الدول تفاوتت الرسوم بين 10 % و41 % حسب العلاقات والمصالح التفاوضية، والأردن حصل على نسبة أقل، وهذا في حد ذاته أفضل ما يمكن تحقيقه في ظل الظروف الراهنة.
الأردن لا يملك موقعًا تفاوضيًا يسمح له بالمناورة، إذ إن دولا كبرى كاليابان والاتحاد الأوروبي لم تسلم من الرسوم الأميركية، فكيف للأردن أن يكون في موقع استثناء؟ وهذه ليست مسألة ضعف، بل معادلة دولية معقدة، والنقطة الأهم أن الأردن حافظ على حجم المساعدات الأميركية، وهذا ليس أمرًا بسيطًا، فالأردن من بين أعلى ثلاث دول تتلقى مساعدات من واشنطن، بمبلغ يتجاوز 1.65 مليار دولار سنويًا، وهذا الدعم هو العمود الفقري للموازنة والمشاريع التنموية التي عادت أغلبها للعمل بعد توقف عالمي.المسألة لا تتعلق فقط بالرسوم، بل بالسياق الكامل للعلاقة مع الولايات المتحدة، الأردن حافظ على أهم نقطة في هذه العلاقة، وهي حجم المساعدات الأميركية، وفي هذا الظرف، تمكنت الدبلوماسية الأردنية من الحفاظ على المساعدات، واستعادة تمويل مشاريع كثيرة كانت مجمدة، والوكالة الأميركية للتنمية (USAID)، وهذا إنجاز لا يقل أهمية عن أي اتفاق تجاري.أما فيما يخص القطاعات التصديرية، فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة مستويات، أولًا، قطاع الألبسة، وهو الأكبر في الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركي، وهذا القطاع لن يتأثر كثيرًا، لأن المنافسين الأساسيين للأردن مثل بنغلادش وتركيا تعرضوا لرسوم أعلى، أما مصر مثلًا فُرضت عليها فقط 10 %، لكن صادراتها تمر باتفاقية QIZ، التي تتطلب شروطا أكثر، وهو أمر لا ينطبق على الأردن، كما أن بيئة التصنيع في مصر تواجه تحديات من حيث سعر الصرف واستقرار الاقتصاد، مما يجعل المقارنة غير عادلة.ثانيًا، قطاع الذهب والمجوهرات، الذي قد يتأثر أكثر، لأن تركيا، التي كانت عليها رسوم 30 %، أصبحت تدفع 15 % فقط، ما يقلل من الفارق التنافسي بينها وبين الأردن، فالإمارات أيضًا تُعامل الآن برسوم 10 %، وهذان البلدان قد يشكلان تحديًا للأردن في هذا القطاع، وعلينا دراسة الوضع لتقليل أثر هذه المنافسة، إما من خلال دعم كلفة الشحن، أو بمساهمات من أرباح الصناعيين أنفسهم، أو عبر إجراءات أخرى بالتعاون مع الحكومة.ثالثًا، هناك القطاعات الأخرى التي بدأت تظهر نموًا ملحوظًا، مثل قطاع الصناعات الغذائية والكيماوية، فهذه القطاعات لا تزال في مرحلة تطور، لكنها تسير في اتجاه إيجابي، وسمعة المنتجات الأردنية في السوق الأميركي أصبحت قوية ومرغوبة، وهذه السمعة تمثل ميزة تنافسية حقيقية، وربما تعوّض جزئيًا عن رفع الرسوم.إذا نظرنا إلى الصورة الكاملة، نكتشف أن الأردن حصل على الحد الأدنى من الضرر الممكن، مع الحفاظ على الحد الأقصى من الدعم الممكن، وهذا، ضمن المعطيات الإقليمية والدولية، يُعد توازنًا صعبًا وواقعيًا.نعم، خسرنا بعض الامتيازات، ولكننا لم نخسر الجوهر: العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، ودعمها السياسي والاقتصادي، وسمعة المنتج الأردني، وهذا ما يجب البناء عليه في المرحلة القادمة، بعيدًا عن المبالغة أو التهويل، وبخطط واضحة تدعم القطاعات التصديرية وتضمن بقاء الأردن على خريطة التجارة العالمية بثقة وإنجاز.
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
story