أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

مقدادي يكتب: مهرجان جرش 39.. الأردن يُبدع في التنظيم ويُؤكّد حضوره رغم العواصف


م. ثائر عايش مقدادي

مقدادي يكتب: مهرجان جرش 39.. الأردن يُبدع في التنظيم ويُؤكّد حضوره رغم العواصف

مدار الساعة ـ

مرةً أخرى، يثبت الأردن أنَّه وطنٌ قادرٌ على تحويل التحديات إلى إنجازات، والصعوبات إلى ملاحم فخر واعتزاز. ففي دورته الـ39، جاء مهرجان جرش للثقافة والفنون تحت شعار "هنا الأردن.. ومجده مستمر"، وكأنّه رسالة واضحة للداخل والخارج أن هذا البلد الصغير في حجمه، الكبير في إرادته، لا يزال يكتب تاريخه بإبداعٍ، ويحتفل بثقافته بإصرارٍ، ويؤمّن أرضه بثقةٍ قلّ نظيرها.



في محيطٍ إقليميٍ ملتهب، حيث الاضطرابات تضرب دول الجوار، يُطلّ جرش كمهرجانٍ فنيٍ وثقافيٍ شامخ، لا تهزه رياح السياسة ولا تهدّه التحديات الأمنية. فتنظيم هذا الحدث في ظل الظروف الراهنة لا يُعدّ مجرد إنجازٍ تقنيّ، بل هو إعلانُ ثقة وقدرة، يُظهر كيف يمكن للدولة الأردنية أن تكون نموذجًا في الإدارة، وحصنًا في الاستقرار.


منذ اليوم الأول لانطلاق فعاليات مهرجان جرش في نسخته الـ39، بدا واضحًا حجم الجهد المبذول، ليس فقط في اختيار الفعاليات الفنية والفكرية، بل في كل تفصيلة لوجستية وأمنية وإعلامية. المسارح كانت جاهزة، الفنانون من شتى الدول وجدوا بيئة ترحيبية احترافية، والزوار، من داخل الأردن وخارجه، تنقلوا بين الفعاليات بأمانٍ ويسرٍ وكأنهم في دولةٍ لا تعرف إلا الهدوء.


الأردن، الذي لطالما راهن على الإنسان، قدم للعالم مهرجانًا يعكس وجهه الحقيقي: دولة منفتحة، مستقرة، متجذّرة في ثقافتها، ومتمكّنة في مؤسساتها. لم يكن الأمر عشوائيًا ولا ارتجاليًا، بل كان نتاج تخطيط مُحكم من مؤسسات الدولة، وتنسيق مثالي بين الأجهزة الأمنية، واللجان الفنية، والإعلام، والبلديات.


وسط حالة الترقّب والتوتّر التي تعيشها المنطقة، يُسجّل للأردن مرة أخرى أنه بلد الأمان. فمن خلال استعداداتٍ أمنيةٍ مُحكمة، وفرقٍ ميدانية يقظة، تمكنت الدولة من تأمين المهرجان دون أي خرق يُذكر، ووفّرت بيئة يشعر فيها الجميع، زائرين وفنانين، براحة وطمأنينة. هذه القدرة الأمنية لا تأتي من فراغ، بل من عقود من الخبرة، وتكاملٍ مؤسسيٍ بين مختلف الجهات المعنية، وروح وطنية عالية يدفعها الولاء والانتماء.


مهرجان جرش 39 لم يكن مجرد تجمعٍ فنيّ، بل رسالة حضارية للعالم تقول: "نحن هنا، نصنع الفن وسط الحصار، نُكرّم الثقافة وسط الاضطراب، ونبني الفرح رغم الألم من حولنا."


لقد تميّز المهرجان بتنوعه، وتعدده، وحضوره الواسع من نجوم كبار إلى مواهب أردنية واعدة، مما يؤكد على أن الأردن لا يكتفي بالتنظيم فقط، بل يتقن تقديم المحتوى الراقي، المحتوى الذي يليق بتاريخه وبشعبه.


إنّ نجاح مهرجان جرش في دورته الـ39 ليس مجرد نجاح لحدثٍ ثقافيّ، بل هو انتصارٌ لمفهوم الدولة القادرة، والوطن المستقر، والشعب الذي يعرف كيف يُجابه التحديات بالإبداع لا بالصراخ. في زمن تتراجع فيه المهرجانات بسبب الحروب والانقسامات، يعلو صوت جرش من قلب الأردن ليقول:
"هنا الأردن... ومجده مستمر."


ولا عزاء لمن يراهن على سقوطنا.

مدار الساعة ـ
story