في إحدى الايام كنتُ أتحدث انا و صديق لي ، دخلنا في نقاشات و حوارات عن الأوضاع و الأحداث الحاصلة من حولنا ، تناولنا قليلاً المشهد السياسي الأردني حتى وصلَ بنا الحال الى أن نذكر وصفي التل و حابس المجالي و غيرهم من رموز الهوية الوطنية الأردنية ، ما لفتَ انتباهي بأننا عندما ختمنا الحديثَ بهم ، ما جعلَ شجوني تتحرك جملة قالها في نهاية الحديث عندما تلفت لي و قال : ( ما ظل في كتاف تشيل يا صديقي ) ،
هل من المعقول يا صديقي بأنَّ الأردني البدوي ، الفلاحي البسيط لم تعد لديه المقدرة بأنّ يشيل هموم وطنه ؟!
هل من المنطق يا صديقي أن الوطن أصبح فقط مجرد عملة و مساحة من الأرض و جغرافيا ؟! فإن شبعنا أحببناه و إن كنّا جوعاً بغضناه ، هل الأردني ذو السُمرة التي أُختزلت من شمس الأردن أوقع وطنه من أيدي قلبه ؟!
هل كرامة الأردني منذُ وصفي و حابس و غيرهم تغيّرت ؟!
هل وجدان الأردني الذي كانَ و سيبقى رمزاً في حبهِ لترابه دخل في مرحلة اللاشعور ؟! ، أستذكرُ جدي الشيخ فضيل الشهوان عندما شنّت الحركة الوهابية غزوات على بعض مناطق الأردن في أواخر القرن الثامن عشر و بدايات القرن التاسع عشر قاتلهم و صدّهم حتى قُتل حصانه في وسط المعركة و عندما التفتَ حوله لم يجد أمامه آنذاك الا خيول الشيخ عواد السطام الفايز ، امتطى أحدهم و اكمل قتالهم و أكمل مسيرة البطولة و الجهاد و عندما عادوا الى السعودية قالوا ( ما ذبحنا غير واحد مسوي جدولتين و ماسك سيفه يقول انا اخو نصرة الله لا ينصره )
هذهِ حالة من حالات الوجدان الأردني الصادق اتجاه البلد ، الشيخ فضيل لم يُقاتل حينها إنما كانَ واضعاً روحهِ على كفه لأنه لم يرى الأردن جغرافيا او مساحة أرض إنما كانَ يراها عرضهِ و حبيبتهِ و مقلة عينيه ، كان مع كل ضربة سيف و صهيلاً من صهيل الخيل يرى جبال البلقاء و سهولِ ناعور و كرامتهِ الوطنية التي تجرّعها من الأباء و الأجداد ،
يا صديقي هذا الوطن لم يُبنى بين شجر الزيتون إنما بُنيَ بين الشوك الذي ابتلعهُ الأردنيون الشرفاء لكي يُبنى ، يا صديقي هذهِ الأرض ضمّتها دماء الشهداء و دموع الأمهات ، هو ليسَ فقط جغرافيا تجمعنا ولا أرضٍ نسكنها لكن يا صديقي هُناكَ من يسعى جاهداً لوأد الهوية الوطنية الأردنية و الطعن في المشروعية التاريخية لوطننا ، هُناك من يُريد شطب هذا التاريخ و تجريد الأردنييون من حبهم لوطنهم و أرضهم ،
" ظل في كتاف تشيل يا صديقي لكنا لم نعد قادرين على تحديد الأعداء هل انهم من ابناء هذا البلد الذينَ اكلوا و شربوا من خيراته و كان انتمائهم لتيارات خارجية على حسابه ام أعداء من الخارج لا يعرفون ما معنى الوطن "

الشهوان يكتب: ما ظل في كتاف تشيل يا صديقي
مدار الساعة ـ