أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

مساد يكتب عن استهداف سفارات الأردن: من يزعجه صوت العقل في زمن الضجيج؟


مأمون المساد

مساد يكتب عن استهداف سفارات الأردن: من يزعجه صوت العقل في زمن الضجيج؟

مدار الساعة ـ

في الأشهر الأخيرة، ظهر نمط مقلق يتمثل في الاستهداف المتعمد للسفارات والبعثات الدبلوماسية الأردنية والمصرية في بعض المناطق.

هذه الأفعال ليست حوادث فردية، بل جزء من محاولة أوسع لزعزعة مكانة دولتين عربيتين من أكثر الدول استقرارًا وتأثيرًا، واللتين تعملان بنشاط على الحفاظ على التوازن الإقليمي ومنع مزيد من التصعيد.


لقد وقفت كل من الأردن ومصر طويلًا كركيزتين للاعتدال في الشرق الأوسط. فاستراتيجياتهما الدبلوماسية تعطي الأولوية للحوار على المواجهة، والعمل الإنساني على الاستغلال السياسي، والاستقرار طويل الأمد على الخطابات الشعبوية المؤقتة. هذا النهج العملي والمسؤول جعلهما هدفًا للهجمات—خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث لعب البلدان دورًا محوريًا في تقديم المساعدات، والتوسط لوقف إطلاق النار، والدفع نحو حل سياسي.



وهنا يبرز السؤال: لماذا يتم استهداف من يسعى لمنع الفوضى؟


بالنسبة لبعض الجماعات المتطرفة والفاعلين السياسيين، فإن وجود صوت عربي عقلاني ومتوازن يُعد أمرًا غير مريح. فعمليات الإنزال الجوي الإنساني المستمرة التي ينفذها الأردن إلى غزة، وجهود الوساطة المتواصلة من قبل مصر، ودبلوماسيتهما المنسقة على الساحة الدولية، تشكل تهديدًا لأولئك الذين يزدهرون في أجواء الفوضى والدعاية والشعور الدائم بالضحية.

صحيح أن استهداف السفارات هو فعل رمزي يُراد به إيصال رسالة سياسية، لكنه في ذات الوقت يعكس حالة من اليأس— محاولة فاشلة لترهيب أو إسكات دول لا يمكن إنكار تأثيرها، ونقطة اخرى لابد من الاشارة لها تتعلق بالقانون الدولي، لا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961)، والتي نصت على حماية البعثات الدبلوماسية بشكل صريح، ويُعد أي اعتداء عليها انتهاكًا صريحًا للأعراف الدولية وتهديدًا للنظام الدبلوماسي العالمي، وجاء في - المادة 22 من الاتفاقية:

- "تُعتبر مباني البعثة الدبلوماسية غير قابلة لانتهاك حرمتها."

- "على الدولة المعتمدة لديها اتخاذ جميع الوسائل اللازمة لحماية مباني البعثة من أي اقتحام أو ضرر ومنع الإخلال بأمن البعثة أو مسّ كرامتها."



إن الأردن ومصر، بتاريخيهما العريق وثقلهما الإقليمي والدولي، لا ينتظران شهادة من أحد. لكنهما لن يصمتا على محاولات الإساءة، وسيتعاملان معها بحزم الدولة لا بردود الفعل، ولن تثني هذه المحاولات الأردن ومصر عن مواقفهما. فقد تُستهدف سفاراتهما، لكن مواقفهما تظل راسخة، تستند إلى الشرعية، وتحركها قناعة راسخة بالسلام والأمن والتضامن الإقليمي. ومن يهاجم الدبلوماسية، لا يكشف إلا عن خوفه منها، وفي هذا الخوف تنكشف دوافعه الحقيقية، ويبقى السؤال الحقيقي: من يخشى الدبلوماسية المسؤولة؟ ومن يزعجه صوت العقل في زمن الضجيج؟

مدار الساعة ـ
story