رغم مرور أكثر من عامين على قرار حظر تطبيق "تيك توك" في الأردن، إلا أن التطبيق ما يزال نشطا بين أيدي المستخدمين لهذا التطبيق من خلال وسائل مشروعة، بل عبر تطبيقات تتيح لهم تجاوز الحظر، وبأعداد لافتة تعكس خللا حقيقيا في آليات الردع، وضبط الالتزام بقوانين الدولة، فهل هذه جرأة أم غياب للعقوبة؟.
الخطورة لا تكمن فقط في كسر القانون، بل بتحويل الفضاء العام إلى ساحة لمحتوى يسيء للمجتمع ويخدش الحياء، وللأسف أيضا محتوى يهيئ بيئة للتحريض والتشكيك والتفكك القيمي، في لحظة حساسة تحتاج فيها البلاد إلى تعزيز منظومة السلم المجتمعي، بعيدا عن لغة الكراهية والتحريض وبث الفتن.
ما يلفت الانتباه أن الغالبية ممن يبثون على "تيك توك" داخل الأردن يظهرون بـ"أسمائهم الصريحة"، دون أي اعتبار للعقوبة أو الردع أو المساءلة، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول "فاعلية الحظر"، ويستدعي محاسبة قانونية واضحة، تضع حدا للتجاوز على القوانين والقرارات الحكومية.
في موضوع "التوك توك"، لا يقتصر الأمر على الترفيه الهابط أو الابتذال، بل يتعداه إلى تحريض علني ونشر أخبار مضللة، كما حدث خلال أحداث سابقة في المملكة، حين كانت "المنصة" أداة رئيسية في تأجيج الشارع وبث الفوضى، عبر بث الأكاذيب والترويج لها على أنها حقيقية.
تجارب دول أخرى كثيرة ذهبت إلى الحظر الكلي للتطبيق، بعضها بسبب التأثير السلبي على القيم والسلوك كما الشقيقة مصر مؤخرا، وأخرى لأسباب "أمنية" بحتة، فهذا التوجه العالمي يؤكد أننا لسنا وحدنا في معركة ضبط هذه المنصة، بل جزء من سياق دولي أوسع، وتحديدا بعد كثير من الشبهات التي تلف هذا التطبيق.
الخطر الأكبر أن "تيك توك" تحول إلى منفذ لتبادل الأموال بطرق تفتقر إلى الرقابة عبر ما يسمى "الهدايا الرقمية"، وتمنح "آلاف الدنانير" من قبل مجهولين وتحت أسماء مستعارة، ما يجعل من هذه الأبواب المفتوحة وسيلة في غسيل الأموال أو تمويل أنشطة متطرفة دون أن يشعر أحد.
خلاصة القول، على الجهات الحكومية التي تملك الأدوات القانونية اللازمة وتحديدا بعد تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، ان تحاسب كل من يستخدم هذا التطبيق، وبغض النظر عن الأساليب التحايلية التي يستخدمونها
داخل المملكة، فمن يخالف الحظر ويفتخر بذلك عبر البث المباشر يجب أن لا يعامل كناشط رقمي، بل بوصفه متجاوزا للقانون ويتحدى هيبة الدولة، عبر وضع غرامات رادعة، وتفعيل المحاسبة العلنية والمتواصلة

التوك توك بالأردن.. محظور ولكن؟
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ