منذ سنوات، بات مصطلح "التعديل الحكومي" حاضرًا في الوجدان السياسي الأردني، يُتداول مع كل استحقاق داخلي أو تغير في الأولويات الوطنية، أو حتى عند اشتداد النقد الشعبي لأداء بعض الوزراء. فهل التعديل الحكومي ضرورة مرحلية؟ أم مجرد تغيير في الأسماء لا ينعكس فعليًا على واقع الأداء العام؟

في السياق الدستوري، منح النظام الأردني للسلطة التنفيذية مرونة في تشكيل الفريق الوزاري وتعديله متى دعت الحاجة. لكن التعديل، حتى يكون منتجًا، لا بد أن يُبنى على أسس مهنية واضحة، تراعي الكفاءة والخبرة والقدرة على الإنجاز، لا على أسس محاصصة أو تدوير للمواقع.

لقد مرّت الحكومات الأردنية المتعاقبة بتحديات جسيمة، من ضغوط اقتصادية، وتطورات إقليمية، وملفات إصلاحية شائكة، ومع ذلك بقيت بعض الوزارات أسيرة الأداء التقليدي، دون قدرة على الابتكار أو استشراف المستقبل. هنا يظهر التعديل كفرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة ضبط البوصلة، وتجديد الروح داخل الفريق التنفيذي.

إن الهدف من التعديل لا ينبغي أن يكون امتصاصًا للغضب أو محاولة لكسب الوقت، بل يجب أن يكون خطوة إصلاحية حقيقية، تُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتُعزز من قدرة الحكومة على التعامل مع الملفات الكبرى، من التعليم والصحة، إلى الاستثمار والإصلاح الإداري.

التعديل المطلوب اليوم هو تعديل نوعي، لا كمي. تعديل يراعي دقة المرحلة، ويُدخل وزراء يمتلكون الفهم العميق للتحديات، ويتواصلون مع الشارع بشفافية، ويقدمون حلولًا لا شعارات.

إن من حق المواطن أن يرى أثر التعديل في حياته اليومية، في جودة الخدمات، وفي سرعة الإجراءات، وفي رؤية الدولة وهي تمضي قدمًا نحو الإصلاح الشامل. أما التعديل الذي لا يُحدث فرقًا، فلا يعدو كونه "تبديلًا في الأسماء" بلا جدوى حقيقية.

يبقى السؤال: هل نحن أمام تعديل يستهدف تغيير المسار؟ أم أمام مشهد مكرر من تبديلات شكلية؟ الإجابة رهن بنهج الدولة في اختيار رجال المرحلة، وبقدرتها على أن تجعل من التعديل أداة حقيقية للتغيير لا مجرد استجابة لحالة ظرفية.