مدار الساعة - كتب أ.د. محمد الفرجات - الملكوشعبه بمرمى نيران منصات إعلامية خارجية تركب موجة غزة.
الأردن هدف الأفعى الكبرى لإحداث الفوضى وإبتلاع فلسطين.الآلة الإعلامية الإسرائيلية تسيطر على العالم وتظهرنا كقتلة وسفكة دماء. منصات خارجية ناطقة بالعربية تابعة للأفعى الكبرى، تكذب وتزيف الحقائق وتكرس وقتها لمهاجمة الأردن والملك. الملك حرك الدبلوماسية العالمية وبين للعالم وقيادات العالم عدالة قضية غزة وفلسطين، في وقت تسيطر عليهم آلة الاعلام الاسرائيلي.جيرون طالب دكتوراة هولندي مكثنا معا 3 أعوام زملاء بفورتسبورغ في ألمانيا، وعندما ناقشت رسالتي وودعني ضرب على جبينه آسفا وقال سأعترف لك، فطيلة وجودك كنت أحذر منك، كنت أظنك كما صوركم الإعلام الإسرائيلي لنا. لم تكن مواقف الأردن، بقيادته وشعبه، في عزلة عن تاريخ الأمة أو ضميرها الحي. فالدولة التي تتوسط الجغرافيا السياسية للصراع العربي الصهيوني، لم تكن مجرد معبر أو متفرج، بل كانت دومًا حجر توازن ورفض وانحياز دائم لعدالة القضية الفلسطينية. واليوم، بينما تتكاثف الحملات الإعلامية المنظمة لتأجيج الداخل الأردني، بزخم غير بريء، نطرح سؤالًا صريحًا: لماذا يُستهدف الأردن الآن؟ ومن له مصلحة في فوضى تريد أن يسقط النظام وتُحل الفوضى، لتبتلع الأفعى فلسطين؟أولًا: الأردن وموقفه من "صفقة القرن"... الرفض الصريح بثمن التجويع، فحين قدمت "صفقة القرن" على طبق من صفقات المال مقابل السلام، كان الأردن رافضا بحزم.رفض الملك عبد الله الثاني التنازل عن القدس، ورفض تصفية القضية عبر مشاريع مشوهة لوطن بديل أو كونفدرالية تهدف لتذويب الفلسطينيين في الدولة الأردنية.فدُفع الثمن اقتصاديًا واجتماعيًا؛ تقليص مساعدات، ضغط مؤسساتي، تضييق مجالات الحركة الإقليمية، بل ومحاولات مستترة لعزل الموقف الأردني وتشويه سمعته.إن هذا التجويع المنهجي لم يكن وليد عبث اقتصادي فقط، بل نتيجة معاقبة سياسية لدولة أبت الانصياع.ثانيًا: رفض إدخال الجيش الأردني إلى سوريا... فكان العقابمارس كثيرون ضغوطهم لدفع الأردن للتورط عسكريًا في الساحة السورية بالربيع العربي، ضمن تحالفات كبرى، لكنه رفض أن يكون جزءًا من صراع دموي مفتوح على احتمالات الانهيار. والنتيجة؟ المزيد من الضغوط الاقتصادية، والاتهامات الإعلامية، والتضييق على خيارات المملكة في ملفات أخرى.ثالثًا: الأردن.. حضن اللاجئين وبوصلة العروبةمن نكبة فلسطين عام 1948، إلى احتلال العراق، ثم الحرب السورية، لم يغلق الأردن حدوده قط. بل تقاسم مع الأشقاء الخبز والماء والمدرسة والمشفى. فباتت المملكة، نسبةً لعدد سكانها، الأولى عالميًا في استضافة اللاجئين.ومع ذلك، تُكافأ اليوم بحملات تُصورها وكأنها عاجزة، أو فاسدة، أو غير قادرة، فيما الحقيقة أن ما تحمّله الأردن من عبء لجوء يفوق طاقة أي دولة بحجمه وإمكانياته.رابعًا: ربيع عربي... بسُقيا الكرامة لا بمدافع القمعفي عام 2011، اجتاحت المنطقة موجة من الثورات والاضطرابات. كثير من الأنظمة العربية لجأت للقمع، أما الملك عبد الله الثاني فاختار طريقًا مختلفًا:أمر بتوزيع الماء والعصير على المتظاهرين، ونزل بنفسه إلى الشارع في المحافظات، واستمع للمواطنين، لا من خلف الحواجز، بل من نبضهم.كانت تلك لحظة فارقة، أعادت تعريف مفهوم الدولة الآمنة، والشرعية التي تُبنى على الاحترام لا الخوف.خامسًا: الملك في نيويورك... والإسلام في الميزان العالمي،مباشرة وبعد أحداث البرجين 11 سبتمبر، وفي لحظة توتر عالمي كان يستهدف ويُقتل فيها العرب والمسلمون في الشوارع الأميركية، حط الملك بطائرته في نيويورك، ليقول للعالم كله:"الإسلام بريء من الإرهاب".وأدى صلاة الجمعة في أحد مساجد الولايات، متحديًا المخاطر السياسية والأمنية.لم يكن ذلك مجرد خطاب سياسي، بل مخاطرة من أجل حماية سمعة دين، وأمة، وهوية.سادسًا: دبلوماسية غزة... حين ضاقت الحيلة بالسلاحفي العدوان الأخير على غزة، لم يقف الأردن متفرجًا.تحرك الملك دبلوماسيًا، دوليًا، إنسانيًا، لإيقاف آلة القتل. وفتحت المملكة مستودعات الأدوية والأغذية، وأرسلتها عبر الطريق البري للأشقاء في القطاع.وفي مشهد سيبقى في الذاكرة، أطلق أحد سائقي الشاحنات الأردنيين النار على جنود الاحتلال على مرأى العالم، وسقط شهيدًا... ليؤكد أن الدم الأردني لا يساوم.سابعًا: الملكة رانيا... حين تُهاجم الحقيقة بصوت امرأة...لأنها تحدثت في المحافل الدولية بلغة الحقيقة والعدالة، وواجهت الإبادة في غزة بنبرة صريحة، هوجمت الملكة رانيا من أبواق مأجورة.لكنها استمرت، وأوصلت رسالة الضمير، فكانت أقوى من التشويه، وأعلى من حملات التزييف.ثامنًا: الاحتلال ليس بريئًا... والدعم الأميركي منحرفالاحتلال اليوم تُحكمه حكومة يمينية متطرفة، لا تعترف لا بالسلام ولا بالإنسانية، مدعومة بدوائر في واشنطن تميل للتطرف والتوسع.أما الأردن، فليس بقوة أميركا ليوقف الحرب، لكن يكفيه شرف المحاولة، وشرف الانحياز للقيم والحق، بينما صمت الآخرون.إذًا... لماذا هذه الحملة؟ ومن المستفيد من أمنية سقوط الأردن؟الحملة ليست عفوية. إنها هندسة إعلامية ومخابراتية، تُغذي الغضب المشروع بسبب الظروف الاقتصادية، وتُوجّهه لإسقاط الدولة، لا إصلاحها.الهدف ليس فقط الأردن، بل تفريغ فلسطين من عمقها الأخير. الهدف أن تسقط عمّان، فتصبح الضفة لقمة سائغة، وتُستبدل الأنظمة الوطنية بأنظمة فوضى، يسهل تحريكها.الأردن ليس ضعيفًا... بل شريفٌ وصامدنعم، نعاني اقتصاديًا.نعم، نطالب بالإصلاح والتغيير وتحسين المعيشة.لكننا لا نريد أن نصحو ذات صباح، فلا نجد لا أردنًا ولا فلسطين!وبالنهاية، فوعي الشعب هو خط الدفاع الأخير، وفي هذا الظرف المصيري، المطلوب ليس السكوت على الخطأ، بل إصلاحه دون هدم الوطن.المطلوب أن نحمي الدولة، لا أن نهدمها فوق رؤوسنا. أن نتمسك بكرامتنا الوطنية، لا أن نسمح للفوضى بابتلاع كل ما تبقى.الأردن لا يُجوع صدفة... بل يُعاقب لأنه بقي واقفًا. فلنقف نحن أيضًا...ولنُفشل "صفقة الفوضى"، كما أفشلنا "صفقة القرن".والأهم أن يعلم الجميع بأن أوروبا عندما دخلت الثورة الصناعية الأولى، بدأت الدولة العثمانية تضعف وتنهار، وبقي الوطن العربي ضعيفا ممزقا وبلا قيادة ولا جيوش. وأصبح الوطن العربي لقمة سائغة لمتعطشي الطاقة والفحم والنفط والقوى العاملة باسم الاستعمار. وكانت أوروبا تريد الخلاص الأبدي من اليهود، ومكنتهم من فلسطين، فولدت الأفعى.اليوم فالأفعى الكبرى تريد إلتهام الجميع، وتعد كل حملات التشويه والتجييش عبر المنصات المختلفة تابعة للأفعى وممولة منها، وهدفها بث الفوضى وإضعاف دول الطوق، فالحذر الحذر.عندما أفرغ الملك وشعبه مستودعات الأدوية والغذاء إلى غزة، وهذا ما قاله لي جيرون!

مدار الساعة ـ