مدار الساعة - كتب مالك الرشق -
رغم أن كارل ماركس رحل قبل 142 عامًا، إلا أن أفكاره ترفض أن تُدفن. في 2025، ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية، واحتكار الشركات العملاقة للثروة والبيانات، يعود "شبح ماركس" ليطارد النظام الرأسمالي من جديد، تمامًا كما تنبأ في كتابه "البيان الشيوعي".
اليوم، نحن أمام واقع لم يعد فيه العامل فقط ضحية الاستغلال، بل أصبحت الشعوب بأكملها رهينة لاحتكار حفنة من الأثرياء. الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف، الشركات العابرة للقارات تبتلع الأسواق، وأزمات المناخ تُدار بعقلية الربح لا بعقلية الإنقاذ. هنا، يجد فكر ماركس طريقه للعودة، ليس كشعار أيديولوجي فقط، بل كسلاح تحليلي يكشف عورات هذا النظام.
الطبقات التي تحدث عنها ماركس لم تختفِ، بل تغيرت ملامحها؛ بدل الإقطاعيين وأصحاب المصانع، لدينا اليوم أباطرة التكنولوجيا ورؤوس الأموال العابرة للحدود، بينما يقف العمال والموظفون والمستهلكون في الصف ذاته: صف المهمّشين.
لكن، وللإنصاف، فإن التجارب التي حاولت تطبيق الماركسية في القرن العشرين أنتجت بدورها أنظمة قمعية، ففشلت في بناء الفرد الحر والمجتمع المزدهر. لهذا، فإن عودة ماركس في 2025 ليست دعوة لنسخ تلك التجارب، بل لاستحضار أدواته النقدية في فضح الظلم الاقتصادي وتعرية النظام القائم، مع البحث عن حلول عصرية أكثر إنسانية وحرية.
ربما لن نرى ثورة عمالية تُسقط الرأسمالية غدًا، لكن المؤكد أن أسئلة ماركس حول العدالة، والملكية، وتوزيع الثروة، ستظل تلاحقنا ما دامت هناك قلة تتحكم في مصير الكثرة. ومهما حاولت الرأسمالية أن تُخفي هذا النقاش، يبقى ماركس حاضرًا… كشبح لا يرحل.