أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الأردن والضفة الغربية ثنائية التوتر والخطر


ماهر ابو طير

الأردن والضفة الغربية ثنائية التوتر والخطر

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

قراءة قرار المؤسسة الإسرائيلية بإعادة احتلال قطاع غزة، لا يخالف الواقع إلا عبر تفاصيل محددة، لأن إسرائيل تحتل القطاع أصلا، وتنفذ عمليات إجرامية برية وجوية، وتهدم البيوت، وتجوع الأبرياء، وتسفك الدم أمام العالم الحر والمتحضر الذي يسمعنا كلاما جميلا عن حقوق الإنسان، لكنه يغيب عند ذبح الغزيين بذريعة محاربة تنظيم مقاتل، يتم استبداله بالأطفال والنساء، فيما إعادة احتلال القطاع له كلفة إسرائيلية مرعبة، وكلفة فلسطينية أيضا.

إسرائيل تهدد باحتلال قطاع غزة، بهدف إجبار حماس على قبول صفقة من 3 نقاط محددة، تسليم الأسرى، تسليم السلاح، وتسليم الحكم، وهي لا تريد أصلا أن توافق حماس على أي طلب، لان مشروعها في قطاع غزة، بحاجة إلى الرفض وليس إلى قبول الشروط، ولو وافقت حماس على الشروط الثلاثة السابقة، سنشهد مواصلة للمذبحة في كل الأحوال وصولا إلى التهجير، وهذا يعني أن لا فرق كبيرا بين وقف الحرب واستمرارها، من ناحية الأهداف الاستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي داخل القطاع.

هذه أخطر لحظة في توقيت الحرب، فالأردن يعرف أن احتلال قطاع غزة، سيؤدي إلى حشر الفلسطينيين في مساحات محددة، والتجهيز لتهجيرهم إلى دول عربية وإسلامية وأجنبية، لم تمانع إلا في وسائل الإعلام، لكن أمرها ليس بيدها، وقد يهدد التهجير دولا عربية إفريقية، ودولا في المنافي البعيدة.

نجاح إسرائيل في هذا الجزء سيؤدي للانتقال إلى المرحلة الثانية من الحرب أي تفعيل المخطط كاملا في الضفة الغربية بعد شطب مشروع الدولة الفلسطينية، والبدء بتفكيك سلطة أوسلو التي تشارف على نهاية دورها الوظيفي، والانهيار الاقتصادي، وصراعات أجنحة السلطة، أمنيا وسياسيا واجتماعيا، نحو دفع الكتل السكانية بالحرب أو السلم من الضفة الغربية إلى الأردن، أو تجميعهم في 3 تجمعات فقط وإخلاء الأغوار والقدس والخليل ونابلس كليا من الفلسطينيين، وحشرهم في مناطق ثانية داخل الضفة، وهذا تصور ضمن تصورات مطروحة.

الأردن أبرق برسائل كثيرة سرية وعلنية، حول أن محاولة التهجير إلى الأردن تعني إعلان الحرب، لكن السؤال يتعلق بالواقع الميداني، ولذلك من الطبيعي جدا أن يرصد الأردن اليوم أدق التفاصيل للوضع داخل قطاع غزة والضفة الغربية، وهو أمام خيارات ليست سهلة في حالة نجح المخطط الإسرائيلي في قطاع غزة، لان النار ستنتقل مباشرة لحظتها بشكل كامل إلى الضفة الغربية بما يعنيه ذلك على الأردن امنيا.

المؤكد هنا أن مشكلة إسرائيل في الضفة ليست مشكلة الأرض التي استولت عليها إسرائيل، وستواصل السطو على بقيتها، بل مشكلة السكان وفقا للتعبير الإسرائيلي الذي يعتبر الفلسطينيين مجرد سكان وليسوا أصحاب أرض وبحاجة إلى حاضنة جغرافية جديدة، وجهة إدارية راعية، برضاها، أو بغير رضاها، اعتقادا من الاحتلال أن فرض الوقائع أمر ممكن، دون أي قدرة على الممانعة العربية أو الدولية في هذا الصدد.

لهذا كله يرقب الأردن اليوم مشهد غزة بقلق شديد، وهو يدرك أن حالة الإعياء التي وصل لها الناس في القطاع ستجعل بعض الغزيين يخرجون من القطاع إذا حدث تهجير، حالهم حال كل شعوب العالم في الحروب، وهذا شهدناه في حروب سورية، العراق، أوكرانيا، الصومال، اليمن، والأمثلة كثيرة تقول إن حق الإنسان في النجاة يطغى على كل شيء.

الترقب في الأردن يبدو مرتفعا جدا، وان لم يتم الإعلان عنه، فنحن أمام مرحلة تختلف عن سابقاتها في حرب السابع من أكتوبر، ستؤدي إلى نتائج تتجاوز قطاع غزة، إلا إذا حدث أمر خارج كل الحسابات المتوقعة.

نثق بأنفسنا في الأردن، لكن علينا توقع كل شيء من إسرائيل خلال الفترة المقبلة، بعيدا عن الضمانات المعتادة التي يتم الركون إليها.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ