أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

ضبط بوصلة الإعلام مصلحة وطنيّة


د. صلاح العبادي
صحفي أردني

ضبط بوصلة الإعلام مصلحة وطنيّة

د. صلاح العبادي
د. صلاح العبادي
صحفي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

حدّد تعميم رئيس الوزراء، والذي شدد على التزام الوزارات والمؤسسات العامة بدعوة الأعضاء في نقابة الصحفيين والعاملين في المؤسسات الصحفية والإعلامية المرخصة لدى هيئة الإعلام لغايات التغطية الإعلامية للفعاليات والمناسبات الرسمية، بوصلة واضحة نحو ضبط المشهد الإعلامي؛ لتكون بداية لرسم مشهدٍ اضبط الإعلام الأخلاقي من قبل المؤسسات الرسميّة وغير الرسميّة كافة على حدٍ سواء.

تعميم رئيس الوزراء لقي ترحيب نقابة الصحفيين الأردنيين ومؤسسات الدولة كافة، إضافة إلى تفاعل كافة مكونات المجتمع الأردني مع هذا التعميم بإيجابية عالية، والذي يشمل المؤسسات الإعلاميّة غير المرخصة لدى هيئة الإعلام، والتي تعمل خارج نطاق القانون.

التعميم الذي جاء وفقًا لطلب مجلس النقابة، يؤكد أهمية الحدّ من حالة الفوضى التي يشهدها المشهد الإعلامي من منتحلي صفة صحفي وإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلافًا لأحكام القانون، وهو ما يعيد الألق اليوم إلى خصوصيّة مهنة الصحافة التي تعتبر من أكثر القطاعات جذبًا للكثير من الشباب والشابات، نظرًا لكونه قطاعا حيويا يتيح الفرصة للإبداع والتواصل مع الجمهور والتأثير في المجتمع، وبالتالي لابد للصحافة أن تؤدي دورها الثري بموضوعيّة ومصداقيّة بعيدًا عن حالة الإنفلات التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال مرحلة مَضت دون رجعة.

وكما تكمن أهميّة التعميم في ضوء ما يجب أن تقوم به الصحافة بعدد من الوظائف المتمثلة بترسيخ البناء الوطني وتأكيد قيم الانتماء للوطن؛ من خلال استشعار القضايا الوطنيّة والمبادرة في تلمس الوسائل المناسبة لتقريب وجهات النظر ورأب الخلاف أينما وجد.

إضافًة إلى ذلك فإنّ التعميم جاء ليصب في مصلحة ما يتعين على الصحافة الأردنيّة والإعلام الأردني القيام به من سعيٍ لتقريب وجهات النظر المختلفة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تماسك المواطنين في المواقف السياسية، وكذلك توضيح وجهات النظر المرتبطة بالقرارات السياسيّة ذات الصلة بحياتهم اليوميّة.

في حالة إنتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود هواة الإعلام ومثيري الإشاعات، والباحثين عن الشهرة على حساب المصداقيّة؛ كان لابد من هذا التعميم؛ ليؤكد أهمية ما تمتلكه وسائل الإعلام من قوة هائلة في تشكيل وتوجيه الرأي العام؛ لتمكين العاملين في المؤسسات الإعلاميّة المرخصّة من إيصال الحقائق والمعلومات والتأثير في كيفية تفكير المواطنين ونظرتهم إلى الأحداث الجارية، والقدرة على لعب دورٍ في صناعة الوعي على نحو يجعل المهنة شديدة الأهمية والتأثير.

بيان نقابة الصحفيين سجّل لرئيس الوزراء التجاوب، الذي طالما عبّر عن تقديره واعتزازه بوسائل الإعلام التي تعمل بمهنيّة ومسؤوليّة، وهو يؤكد أهمية التناغم بين رؤية النقابة والسلطة التنفيذيّة في إطار مصلحة الوطن، وهو يعكس تقدير السلطة الرابعة.

في ظل الفضاء الإلكتروني الواسع باتت ظاهرة منتحلي مهنة الصحافة تشكّلُ قلقًا لكافة مكونات المجتمع، في ضوء إنتشار الأخبار المضللة للحقيقة، والتي تمس مهنة الصحافة وسمعة الأردن، وتشتت تفكير الجمهور المتلقي.

المشهد الصحفي يمثل انعكاساً للمشهد السياسي في الكثير من تفاصيله، كما أن المشهد الصحفي يمثل انعكاسًا لما يقع على الساحة المحليّة من أحداث سياسيّة، محليّة كانت، أم عربيّة ودوليّة، في الوقت الذي يقع على المشهد السياسي مهمة تحديد ملامح ورسم مشهده الصحفي، من حيث حرية التعبير؛ سيما وأنّ الصحافة تعد جزءًا من السلطة الرقابيّة ومن ضمن مكوناتها؛ إذ تشكل أداة من أدوات التوعية والتثقيف والتنوير للمجتمع، في ظل ما تمتاز به من الحريّة المسؤولة في التعبير والتزامها بأخلاق المهنة وآدابها، فهي تصبح ذاكرة المجتمع وأداته لحماية مصالحه الوطنيّة والقوميّة.

التعميم الذي حصر التعامل مع الصحفيين المسجّلين في النقابة والعاملين في المؤسسات الإعلاميّة المرخصة يؤكّد أهمية الصحافة بوسائلها المختلفة؛ إذ تسهم بإنضاج الحياة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، لأنها تتيح المجال أمام أكبر قدر من المواطنين للتراسل وتبادل الأفكار وطرح القضايا التي تهمهم من خلاله، للتعبير عن آرائهم، كما هي تسهم في التنوير السياسي، وزيادة معلومات الأفراد عن الموضوعات ذات الشأن السياسي. وكذلك تغيير المواقف والاتجاهات المتكونة لدى الأفراد من خلال القيام بدور التعريف والإقناع وكذلك حث الناس على التغيير، وعندما يعرف الناس ويقتنعون فإنهم يدركون ويهتمون بما يعرفونه، إضافة إلى إمكانيّة توظيفها نحو دعم المبادئ والآراء لدى المواطنين.

ضبط المشهد الإعلامي من دخلاء مهنة الصحافة إنطلق في سياق أهمية ما يجب أن تنقله الصحافة ووسائل الإعلام من أخبار وتحليلات سياسيّة للأحداث تكتسب وظيفة أخرى باعتبارها سجلاً تاريخيًا يسطر أبرز الأحداث، ويوثق الإنجازات التي تشهدها الدولة على الصعد كافة، إضافة إلى أنّها وسيلة للتثقيف والتنوير؛ طبقًا لما تقوم به من نشر تحقيقات ومقالات صحفية وأخبار شأنها تثقيف القارئ بالمعلومات المتوافرة تجاه قضايا مختلفة جديرة بالاهتمام.

الصحافة المسؤولة والمرخصة وفي ظل الأجواء الديمقراطيّة الأردنيّة المتمتعة بسقف عالٍ من الحرية تقوم بدور أداة للرقابة على المجتمع والمؤسسات الرسمية والشعبية. ومن خلال العلاقة ما بين الحريّة والعمل الصحفي فإنّ الصحافة تقوم بأدوارٍ سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وفقاً لما تتميز به الحياة السياسيّة من مراعاة لهذه الحريّة، التي كفلها الدستور، وبالتالي فإن تعميم رئيس الوزراء جاء منسجمًا مع التشريعات الناظمة لحريّة التعبير والرأي التي يستند عليها العمل الصحفي وفقًا لمجموعة من القواعد والبنود القانونيّة التي من شأنها أن تنظم العمل الصحفي والإعلامي وتحكمه بمبادئ تشكل الأساس الذي ينطلق منه، بما يضمن تحديد المسؤوليّة في العمل الصحفي، عبر أطرٍ قانونيّة وأنظمة وتعليمات.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ