ليس كل من يحمل كاميرا أو يسجل مقطع فيديو أو يمتلك صفحات على "السوشال ميديا" يمكن اعتباره صحفيا، وهذا هو جوهر تعميم رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، الذي وجه فيه جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية بعدم التعامل مع أي شخص لا يمثل مؤسسة إعلامية مرخصة أو ليس عضواً بنقابة الصحفيين، فما هي اهمية هذا التوجية.
هذا التوجيه الحكومي جاء ليضع حدا لحالة "الفوضى الإعلامية" التي أصبحت تؤثر سلبا على مصداقية التغطيات الرسمية، بعد أن تداخلت الأدوار بين الإعلام المهني وبعض من يقدمون أنفسهم صحفيين دون أي أساس قانوني أو مؤسسي، الامر الذي استدعى وبمباركة من"نقابة الصحفيين" وضع حد لهذه الظاهرة التي ساهمت بفتح الباب أمام تضليل الرأي العام، وتحقيق مكاسب شخصية على حساب المهنة.القرار لن يمس بحرية التعبير، ولن يقيد الأصوات، بل سيعيد الاعتبار لمهنة الصحافة، ويعيد ضبط العلاقة بين الدولة والإعلام من خلال قنوات رسمية مسؤولة، ما يمثل دعما مباشرا للصحفيين الذين يعملون ضمن المؤسسات المرخصة ويخضعون للمساءلة، ويحملون بالمقابل مسؤولية الالتزام بالمعايير المهنية الأخلاقية التي تحكم عملهم.الحكومة من خلال هذا التعميم لا تعادي الإعلام، بل على العكس، فهي تؤكد الاحترام العميق للصحافة المهنية، وتعبر عن مدى حرصها على أن تكون المعلومات والاخبار التي تصل للمواطن نابعة من مصادر موثوقة ومسؤولة، وبما يعزز من استقلالية العمل الإعلامي و تأطيره ضمن منظومة قانونية تحترم حقوق الصحفي وتكفل له بيئة عمل واضحة وآمنة، بعيدا عن الاجتهادات الفردية والمصالح الضيقة.التأكيد على الالتزام بقانون نقابة الصحفيين وقانون المطبوعات والنشر هو في حقيقته تأكيد على أن الصحافة مهنة وليست هواية، وأن من يمارسها يجب أن يكون جزءا من منظومة مهنية تحترم القانون وتحمي المجتمع من الفوضى، فالانتماء للنقابة ليس مجرد إجراء إداري، بل اعتراف بحقوق وواجبات ومكانة مهنية تستحق الاحترام من قبل جميع الأطراف وأولها الحكومة.خلاصة القول، هذا التعميم رسالة واضحة بأن الدولة تريد صحافة قوية، لا هشة، مهنية لا مرتجلة، حرة، لا منفلتة، وصحافة تشارك في بناء الوعي، لا بتشويشه، مع التأكيد على ان الباب "سيبقى مفتوحا" أمام كل من يرغب بالانضمام لهذا الإطار المهني شرط أن يتقيد بالقوانين الناظمة، ويؤمن أن الصحافة مسؤولية قبل أن تكون منبرا، فبعد اليوم "ليس كل ما يلمع ذهبا" وليس كل من قال "انا صحفي" هو صحفي فعلا.
الحكومة تنتصر للصحفيين الحقيقيين
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ