مدار الساعة - في عالمٍ تتبدّل فيه الخرائط، وتذوب فيه الحدود كما يذوب الملح في الماء، يولد أناس بلا عنوان ثابت، يحملون أسماءهم كجواز سفر وحيد، ويتنقلون بين الأمكنة كما تتنقل الريح بين الفصول.
هذه الرواية ليست عن بطلٍ واحد، ولا عن مدينةٍ بعينها، بل عن حكايات متناثرة جمعها الفقد، وعن قلوب وجدت نفسها على أرصفة الغربة تبحث عن ظلٍّ يشبه الوطن.هنا ستجدون من يسير عكس التيار بحثاً عن الأمان، ومن يفتش في ذاكرته عن بيتٍ ربما لم يعد موجودًا إلا في الحلم."ما لي وطن" ليست صرخة يأس، بل محاولة لزرع وطنٍ صغير في كل قلب يقرأ هذه السطور."ما لي وطن" ليست مجرد رواية عن المنفى، بل شهادة قلبٍ ظلّ يكتب كي لا ينسى.من خلال شخصية ليلى، تسرد الرواية سيرة فتاة وُلدت لاجئة، لا تحمل من الوطن إلا اسمه في حكايات أمها، وصورة شجرة التين التي غرسها والدها قبل أن يُقتلع كل شيء.في فصول تمتزج فيها الحقيقة بالشعور، والذاكرة بالبحث، تعيش ليلى تنقّلات متتالية:بين المدرسة التي لم تعترف بخريطتها، وبين مدينة تنظر إلى اللاجئ كغريب، وبين قلب يسأل يوميًا: من أنا… حين لا أملك وطنًا يُجيب؟الرواية تنقسم إلى ثلاثة عشر فصلا ، تبدأ بالوعي الأول للفقد، وتمرّ عبر تفاصيل الحياة اليومية التي تفضح هشاشة الانتماء حين يُصبح ورقةً رسمية لا أكثر.لكن رغم ذلك، لا تستسلم ليلى. فهي لا تبحث عن "عودة"، بل عن بناء… عن ذاكرة لا يمحوها النسيان، وعن وطن لا يُقاس بالحدود، بل بمن يمنحك شعورًا أنك تنتمي.تلتقي في طريقها بأرواحٍ من بلدان أخرى، كلها تجرّ حقيبة منفى:إيفا من أوكرانيا، سامي من ليبيا، أبو علاء من فلسطين، وجمانة الصغيرة التي ترسم بعيون غائبة.هؤلاء لم يكونوا مجرد شخصيات، بل أوطان صغيرة، يضيئون في داخلها ما كانت تبحث عنه طوال حياتها:أن الوطن قد يكون في ابتسامة، في أغنية، في ظلّ شجرة، في كلمة من أمّ تناديك باسمك الحقيقي.الرواية تتوّج بلحظة العودة إلى الأرض، لا إلى البيت.إلى شجرة التين التي ظلّت واقفة رغم أنقاض الجدران.وهناك، عند جذع الشجرة، تفهم ليلى أن أباها لم يغادر فعلاً، بل ترك لها "بابًا من خشب الذاكرة".وفي الفصل الأخير، تتبدّل "ليلى" من باحثة عن وطن، إلى صانعة له.تكتب، تعلم الأطفال، تحتضن الوجع وتحوّله إلى لغة.لأنها تعلّمت أن الوطن ليس بالضرورة المكان الذي وُلدت فيه… بل الذي تستطيع أن تحيا فيه بكرامة وذاكرة.رواية "ما لي وطن" عمل وجداني إنساني، يلامس قضايا اللاجئين، الهوية، الانتماء، والحنين، دون أن يغرق في المباشرة أو الخطابية.هي رواية كتبتها روح تحمل الوطن في الحبر، والحنين في السطور."ما لي وطن" ليست مجرد رواية...إنها رسالة إلى كل روح متعبة، وكل قلب يبحث عن سكنه الحقيقي في عالم مليء بالضجيج.'ما لي وطن' للدكتورة مريم اليماني: حول اللاجئين والهوية والانتماء والحنين

مدار الساعة ـ