مع انطلاق العام الدراسي الجديد، عادت الحياة لتدبّ في شوارع المدن والقرى الأردنية. منذ ساعات الصباح الأولى امتلأت الطرقات بخطوات الطلبة المتجهين إلى مدارسهم سيرًا على الأقدام، يحملون حقائبهم وأحلامهم، لتبدأ معهم رحلة تعليمية جديدة. مشهد مبهج يعكس روح البدايات، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن مشكلة قديمة متجددة لم تجد طريقها إلى الحل بعد: انتشار الكلاب الضالة

هذه الظاهرة، التي تتكرر مع كل عام دراسي، باتت تُثير القلق لدى الأهالي والمعلمين وحتى الطلاب أنفسهم. فبينما يسير الأطفال في مجموعات صغيرة إلى مدارسهم، يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع كلاب منتشرة على أطراف الطرق والأحياء السكنية. بعض هذه الكلاب قد لا تشكل خطرًا مباشرًا، لكن مجرد وجودها يكفي لإثارة الخوف في نفوس الصغار، ودفع بعضهم لتغيير مسارهم أو حتى التغيب عن المدرسة.

المشكلة ليست جديدة، بل هي قديمة وحديثة في آنٍ واحد؛ قديمة لأنها مستمرة منذ سنوات، وحديثة لأنها تتفاقم مع ازدياد العمران والضغط على البلديات، ومتجددة لأنها تعود كل صباح مع خطوات الأطفال في بداية عامهم الدراسي. وبرغم شكاوى الأهالي المتكررة، لم تظهر حلول جذرية حتى اليوم، مما جعلها واحدة من القضايا التي تتنقل من عام إلى آخر دون معالجة فعلية.

إن مسؤولية حماية الطلبة ليست مسؤولية الأسرة وحدها، بل هي واجب جماعي تتشارك فيه الجهات المعنية من بلديات ومؤسسات محلية. فسلامة الطلاب في طريقهم إلى المدرسة لا تقل أهمية عن وجود المعلم في الصف أو الكتاب في الحقيبة.

مع بداية كل عام دراسي، يثبت أطفالنا أنهم قادرون على مواجهة التحديات بحب للتعلم وإصرار على الاستمرار، لكن يبقى السؤال: متى ستجد مشكلة الكلاب الضالة حلًا يوازي أهمية حق الطفل في أن يسير إلى مدرسته بأمان؟