أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

البستنجي يكتب: الطالب صانع المحتوى.. من مشروع صفّي إلى أثر تربوي مجتمعي


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: الطالب صانع المحتوى.. من مشروع صفّي إلى أثر تربوي مجتمعي

مدار الساعة ـ

لم يعد التعليم اليوم أسير الجدران الأربعة للصف، ولا المتعلم مجرّد مستقبل للمعلومة؛ بل صار فضاء المعرفة متشابكًا، مفتوحًا على العالم، يتيح للطالب أن يكون شريكًا فاعلًا وصانعًا للأثر. في زمنٍ تتضاعف فيه الأصوات الرقمية ويتسابق فيه المؤثرون على كسب العقول والقلوب، تبرز الحاجة إلى أن يكون للمدرسة صوتها، وللطالب دوره كمؤثر قيمي، يزرع المعنى وسط زحمة الشاشات.

وقد أكدت تقارير اليونسكو والمنتدى الاقتصادي العالمي أن متعلم القرن الحادي والعشرين لم يعد "مستهلكًا للمعرفة"، بل أصبح "منتجًا لها" ومشاركًا في تشكيل وعي مجتمعه. وهنا يلتقي التربوي مع المصلح الاجتماعي، ليؤكدا معًا أن رسالة التعليم ليست نقل المعلومة فحسب، بل تكوين الإنسان القادر على البناء والتأثير.

أولًا: التحوّل في أدوار الطالب والمعلم

الطالب: لم يعد متلقي للمعارف، بل أصبح صانعًا للمعرفة الرقمية، قادرًا على التعبير عن قيمه عبر محتوى متنوع (فيديو، بودكاست، إنفوغرافيك…).

المعلم: لم يعد ناقلًا للمعرفة، بل موجّهًا ومصمم بيئة تعلم رقمية، يهيئ الأدوات ويفتح الأفق لطلابه ليكونوا مؤثرين إيجابيين.

ثانيًا: صناعة المحتوى التربوي القيمي

إنتاج وسائط رقمية تحمل رسالة أخلاقية وتربوية لم يعد نشاطًا جانبيًا، بل هو جسر يربط المدرسة بالمجتمع، ويجعل الطالب سفيرًا للقيم، ينقل المعرفة من الورق إلى السلوك، ومن الحصة إلى الحيّ.

ثالثًا: مهارات القرن 21 كإطار داعم

1. التفكير النقدي: التحقق من المعلومة والمصدر.

2. الإبداع: ابتكار طرق عرض قصصية جذابة (Storytelling).

3. التواصل: إيصال الرسالة عبر وسائط متعددة.

4. التعاون: بناء مشاريع جماعية تُنمّي روح الفريق.

5. التأمل الذاتي: مراجعة التجربة والتعلم من الخطأ.

رابعًا: خطوات عملية لتمكين الطلاب

? إطار عملي مختصر:

1. تحديد القيمة: اختيار رسالة (أمانة، رحمة، بيئة…).

2. التخطيط والعصف الذهني: تصميم Storyboard أو خريطة ذهنية.

3. جمع المادة الرقمية: صور، مقاطع، مصادر موثوقة.

4. التصميم والإنتاج: عبر أدوات مثل Canva، CapCut، Adobe Express.

5. النشر المسؤول: منصات مدرسية آمنة، احترام الخصوصية والحقوق.

6. التأمل والتغذية الراجعة: جلسات تقييم وتطوير بعد النشر.

خامسًا: التحديات:

1. ضعف المهارات الرقمية أو البنية التحتية.

2. التشتت الرقمي والمغريات.

3. ضعف الثقافة الإعلامية.

4. رهبة الظهور أو ضعف الثقة بالنفس.

5. غياب الدعم الأسري أو المجتمعي.

6. مخاوف أخلاقية وثقافية مرتبطة بالنشر العلني.

سادسًا: الحلول المقترحة:

1. تدريب قصير على الأدوات الرقمية.

2. بيئة رقمية آمنة تحت إشراف المعلمين.

3. إدماج التربية الإعلامية في المناهج.

4. تخصيص وقت لمشاريع المحتوى.

5. إشراك المجتمع المحلي ودعم المبادرات.

6. مسابقات مدرسية للمحتوى القيمي.

7. منصات داخلية مغلقة تمهيدًا للانفتاح.

سابعًا: دراسات حالة تطبيقية:

"كن أمينًا… فأنت قدوة": مشروع فيديو قصير عن الأمانة تحوّل إلى حملة مدرسية.

"معًا لمدرسة نظيفة": إنفوغرافيك رقمي أدى إلى مبادرة تطوعية.

بودكاست "جسور التسامح": نقاش بين طلاب من خلفيات مختلفة رسّخ قيمة الحوار.

ثامنًا: ما نتعلمه من التجارب

1. الطالب قادر على تحويل المعرفة النظرية إلى أثر رقمي.

2. إنتاج المحتوى يعزز مهارات القرن 21 عمليًا.

3. النشر المسؤول يوسّع أثر القيم من الصف إلى المجتمع.

4. المحتوى القيمي شكل من التعلم الخدمي (Service Learning).

? إن صناعة الطالب المؤثر القيمي ليست ترفًا تربويًا، بل هي جوهر رسالة التعليم في زمن الرقمنة. فالمجتمع بحاجة إلى طلاب يصوغون المعرفة في هيئة رسالة، ويحوّلون القيم إلى ممارسة.

? توصيات:

1. إدماج مشاريع إنتاج المحتوى ضمن المناهج.

2. تدريب مستمر للطلاب والمعلمين.

3. ربط المحتوى بالقيم التربوية الكبرى.

4. إنشاء منصات مدرسية آمنة للمبادرات.

5. تبادل المحتويات القيمية بين المدارس لتوسيع الأثر.

✨ وهكذا يتحقق جوهر التربية القيمية: أن يتحوّل الطالب من متلقٍ إلى مؤثر، ومن مستهلك للمعلومة إلى صانع للقدوة، في زمنٍ لا يكفي فيه أن نُعلّم أبناءنا كيف يقرأون النصوص، بل كيف يكتبون أثرهم في التاريخ.

مدار الساعة ـ