مدار الساعة - كتبالأستاذ الدكتور أمجد صبحي الفاهوم -
في رحاب بيت الأردنيين، حيث يلتقي التاريخ بالواقع، وتتناغم الأصالة مع روح القيادة، تتجلى معاني الانتماء والوفاء للوطن. كانت الدعوة الكريمة من معالي يوسف العيسوي، رئيس الديوان الملكي الهاشمي، فرصة لتجديد التأكيد على ثوابت الأردن ومواقفه الراسخة، وتجربة وطنية تذكر الجميع بأن الأرض الأردنية وشعبها يقفان على قلب رجل واحد خلف قيادتهم الهاشمية، مهما تعاقبت التحديات أو اشتدت الظروفزيارة بيت الأردنيين: تجديد للثوابت وتأكيد على الدور الهاشميفي كلمته خلال اللقاء، قال معالي رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي: “الأردن بقيادته الهاشمية نموذج راسخ في الثبات على المواقف، رغم ما يموج المنطقة من أزمات واضطرابات”. هذه العبارة لخصت بوضوح طبيعة الدور الأردني الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث لم يكتفِ جلالته برفع الصوت دفاعاً عن الحق الفلسطيني، بل قاد جهوداً سياسية ودبلوماسية وإنسانية تركت بصمتها الواضحة على المستوى الدولي. وأضاف العيسوي: “مواقف وجهود جلالته كانت الأكثر تأثيراً نصرة لحق الشعب الفلسطيني ورفضاً لكل محاولات تصفية قضيته العادلة”.لقد لمسنا جميعاً كيف أن جلالة الملك لم يترك ساحة إلا وذكّر فيها العالم بمسؤوليته تجاه أهل غزة، وكيف أن هذه المواقف لم تقتصر على الكلمات، بل تجسدت في الجسور الجوية الأردنية التي حملت الدواء والغذاء إلى غزة تحت القصف والحصار. العيسوي وصف ذلك بقوله: “الموقف الأردني ليس مجرد خطاب سياسي، بل ممارسة عملية راسخة على الأرض”. وهذه الحقيقة يعرفها كل أردني، حيث يتطابق القول مع الفعل في مدرسة القيادة الهاشمية.كما استعرض رئيس الديوان الدور الإنساني والسياسي المتكامل، مؤكداً أن “جهود جلالة الملك في الدفاع عن أهل غزة، مقرونة بجهود إنسانية وإغاثية متواصلة، تجسدت في الجسور الجوية والمساعدات الطبية والغذائية”. وهو بذلك وضع الأردن في طليعة الدول التي لم تخشَ أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية رغم تعقيدات المشهد الدولي.لم تغب القضايا العربية الأخرى عن اللقاء، فقد أشار العيسوي إلى أن الأردن ترك بصمة واضحة في ملفات سوريا ولبنان والعراق، وأنه “بقيادته الحكيمة وُجهوده الإنسانية والسياسية يعكس حرصه على الاستقرار الإقليمي والحفاظ على دوره الوطني”. هذه الكلمات عززت القناعة بأن الدور الأردني ليس رد فعل، بل نهج أصيل متواصل منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم.وقد أضاء معاليه على جانب مهم من الداخل الأردني حين قال: “جلالة الملك يقود مسيرة التحديث الشامل في المحاور السياسية والاقتصادية والإدارية، إيماناً بأن قوة الأردن الداخلية هي الضمانة الحقيقية لاستقراره وصموده”. هنا كان الحديث واضحاً أن معركة الأردن ليست فقط مع الخارج، بل أيضاً في الداخل حيث الإصلاح والتحديث شرط أساسي لمناعة الدولة.كما لم يفته أن يشيد بدور جلالة الملكة رانيا العبدالله التي “تعمل بصدق وإخلاص في تعزيز القيم الإنسانية ودعم التعليم وتمكين الشباب والمرأة، وأصبح حضورها صوتاً مؤثراً وداعماً لمسيرة جلالة الملك”. في المقابل، أكد على الدور الحيوي لسمو ولي العهد قائلاً: “سمو الأمير الحسين يسير على خطى والده ويحمل هموم الشباب الأردني، وإعلانه إعادة تفعيل خدمة العلم خطوة مفصلية لبناء شخصية الشباب وتعزيز انتمائهم الوطني”.أما من جانب منتدى الأردن لحوار السياسات، فقد أكد المتحدثون توافقهم الكامل مع ما جاء في حديث رئيس الديوان، مشددين على أن “جميع الأردنيين يقفون على قلب رجل واحد خلف جلالته، وأنهم عند الحسم سيكونون جنوداً في خدمة الوطن والدفاع عن ثوابته”. كما أشادوا بالخطاب الملكي الذي وصفوه بأنه “إقناعي واستشرافي يرسخ ثقة الداخل والخارج”.ولم يفتهم أن يربطوا بين المواقف السياسية الراسخة والوحدة الوطنية المتينة، مؤكدين أن “الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية هي الضمانة الحقيقية لاستقرار الأردن”. كما أشاروا بوضوح إلى أن التصدي لأي محاولات للنيل من الأردن، سواء عبر أجندات خارجية أو داخلية، سيبقى ثابتاً باعتبار أن “أمن واستقرار وسيادة الأردن خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.في مداخلاتهم أيضاً، برزت إشادة خاصة بدور الإعلام الوطني، حيث أكدوا أن “الإعلام يمثل سلاحاً قوياً في مواجهة كل محاولات التشكيك بالمواقف الوطنية الثابتة”. هذا الربط بين السياسة والإعلام يعكس وعياً عميقاً بأن المعركة اليوم ليست بالسلاح فقط، بل بالكلمة والصورة والرأي العام العالمي.وقد أجمع المتحدثون على أن السياسة الحكيمة لجلالة الملك أعطت الأردن مكانة مرموقة إقليمياً ودولياً، مشيرين إلى أن القيادة الهاشمية تمثل خط الاعتدال والوسطية في الدفاع عن القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما لم يغب عنهم التنديد بالتصريحات التوسعية لرئيس وزراء الاحتلال، واصفين إياها بأنها تعكس “عقلية الاحتلال العدوانية”.خرجتُ من هذه الزيارة أكثر يقيناً بأن الأردن، بقيادته وشعبه الوفي، سيبقى صامداً أمام كل التحديات، وأننا كأردنيين علينا واجب أن نكون في خندق واحد خلف قيادتنا. كلمات العيسوي والمنتدى لم تكن شعارات بل رسائل صريحة بأن الموقف الأردني نابع من أصالة الهوية وعمق التاريخ، وأن الدفاع عن فلسطين ليس خياراً سياسياً، بل واجباً قومياً وإنسانياً.إن بيت الأردنيين لم يكن في هذا اللقاء مجرد مقر رسمي، بل منبر وطني أكد على ثبات النهج ووضوح الرؤية، وذكّرنا جميعاً بأننا أصحاب رسالة لا نحيد عنها، وأن الأردن، مهما كبرت التحديات، باقٍ على عهده: مخلصاً لأمته، مدافعاً عن قضاياه، ثابتاً على الحق.الفاهوم يكتب: زيارة بيت الأردنيين.. تجديد للثوابت وتأكيد على الدور الهاشمي

مدار الساعة ـ